فذة الحسن باصطفاقٍ واتفاق، يتمثل بها في الآفاق، وتحدو بأوْصافها حداة الرفاق، وتُزْهى بمنظرها الرائق، وبخيرها
الفائق على الشام والعراق، وكانت بين عَدُوَّيْن يقطعانِ عنها فيما سلفَ الإرفاق، من الأمن والأرزاق،
أحدهما البحر الذي هي منه كالمِعْصَمِ في سوارٍ أوِ الخِصْر في نطاق. والثاني الكفر الذي أحدق بها
إحداق الأشفار بالأحداق، وكانا يطمسان أنوارها كالأجفان للنواظر عند الإرْتِدادِ والإنْطباقِ، وكلاهما
قد فَغَرَ عليها فاه لإضرامِ الأعْلاقِ، وإطْفاء الأنوار الواضحة الإشراق، حتى عاد بدْرُها هلالاً في
قبضة المُِحاق، وكادت تبكي عيون السبعة الطباق، إلى أنْ تلافاها النَّظَرُ المهدي، والأمر الإمامي،
فأحيا رمقها الخافت، وأَعَادَ كمالها الفائت، فاعْتَصَمَتْ منه أوثق اعتصام، وتوقَّتْ منه بأوقى واقٍ، ولم
يزل النظر الإمامي يستمد لها على الدوام، ويلقيه خليفة إلى خليفه وإمامٌ إلى إمامٍٍ، فيقع منها موقع
الماء الزُّلالِ على شدة الأُوام، إلى أنْ أفضى النظر إلى الخليفة العليّ الإمام المرضيّ، المَقْتَفِي، أثر
المهدي أبي عبد الله محمد ابن الخلفاء الأئمة المؤيد بالنصر الحفيِّ، الذي لا يكتحل جَفْنه بمنام، ولا
يخْلو خاطرهُ النَّيِّرُ عن اهتبالٍ بها وبغيرها وعنِ اهتمام، فأطلع بآفاقها بدر تمام، يحمل بين جوانحه
إِقْبَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute