للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

فأعْشى، وشاهدْنا به البلاغة شخْصاً محسوساً،

والرئيس المتعاطي للفصاحة مرؤوساً، أقْدَمَه الله خير مَقْدَم، وأَغْنَمَهُ أَفْضَل مَغْنم، بمنِّه، ورأَيّتُكَ، أطال

الله بقاءكَ، قد نَحَلَْْتني فَضْلاً، لم أكنْ له أهْلاً، وحَلَّيتني بمفاخر وحلىً، اقتبسْتُها مِمَّا لكَ منْ مآثر

وَعُلىً، وقدْ أبى الله إلا أنْ يكونَ لك الفَضْلُ، منْ بعدُ ومنْ قبْلُ. والخليلُ بالخليلِ يَزْهى وينجحُ: (وكلُّ

إناء بالذي فيه يرْشَح). ولازالتْ أنْدية المَجْدِ بك مَعْمورة، وأَلَوية الحمد عليك منشُورة، بحول الله

تعالى وكرمه.

وفي المعنى لأبي نصر:

أطال الله بقاء ذي الوِزَارتين الأجل عمادي الأعْلى، وكوكبي المُجْتَلى، مُنْتَظماً للرئاسة في سِلْك،

مُبْتسماً عن ذكائه وعنائه كل مِلْك. ما أحَقَّ - أدام الله عزك - دولة أنت كوكَبُ سمائها، والمسْتَقِلُّ

بأعْبائها، أنْ تنتظمَ لواليها أشْتاتُ البلادِ، وتَشْتَمِلَ عليه أهواء العباد، وتنْفَسِحَ له مضيقاتُ الآماد،

برأيكَ السديد الذي إذا اقتدحَ أوْرى، وإذا سرى إلى صبحه صار حميد السُّرى. هذا لو كانَ صاحِبُكَ

من الأمر عارياً، وتقلدهُ تطاوُلاً عليه وتعادياً، دُونَ إجْماعٍ من الأمة، واطلاعٍ لِمُلِمَّةٍ. فكيف إذا كان

ملكاً عِراقِيَّ الأخلاقِ، حِميريَ الأعْراق، يشرق لسناه الظلامُ، وتعْبَقُ منْ أرجِهِ الليالي والأيام، وتَفْرَقُ

منْ سطواته الليوثُ في الآجام.

لقد جَمَعَتْكما مُشَاكَلَةٌ، وألَّفَتْ بيْكُما ممُاثَلةٌ، أقامتْ للمَعارِفِ عندَكما سوقاً، وأوْضَحَتْ بكما لأقاليمِها

طريقاً.

فللآدابِ عندكما جولة، ودوْلَتُكُما تزدري بسيفِ الدولة. لا جرمَ أَنَّهُ بك - أَيَّدَكَ الله - أَظْهر، وحَظُّه

من الذكاء بك أَوْفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>