هَلْ تُكْسَفُ الأقْمارُ غيرُ كوامِلٍ ... أعَلِمْتُمُ أنّ الأهِلَّةَ تُكْسَفُ
بَكَتِ السماءُ لفَقْدِهِ ونُجُومها ... والأرضُ قدْ كادَتْ تَميدُ وترْجُفُ
ونَعَتْهُ إذْ سَمِعَتْ بهِ أمُّ القُرى ... وبَكى الحطيمُ وزمزم ومُعَرَّفُ
والعالمُ الأعْلى يطيبُ بقبْرهِ ... وعليه أفْواجُ المعالي عُكَّفُ
عجباً لقبْرٍ حلَّ منه ضريحُهُ ... أنْ ليسَ يَنْبُتُ في ثراه الزخرفُ
لو كانَ بالدُّنْيا الذي بي أصبحت ... منها المعالم وهْيَ قاعٌ صَفْصَفُ
ياليتهمْ دَفَنوه بين جوانحي ... تسقيه فيها سَحْبُ دمعي الوكَّفُ
أوَ ليْسَ أهْلُ الأرضِ طُرّاً أُثكِلوا ... فجُفُونُهُمْ أبداً نجيعاً تذْرِفُ
سُكَّانَ أَحْنَاءِ الجوانح ربعُكم ... منكم خلاءٌ والأسى مُسْتَخلف
عيناي أفْقَدني الرَّدى إحداهما ... أَوَ ليست الأخرى لدمعي تضعُفُ
ويدايَ أفقَدني الردى يُمْناهما ... وليست الأخرى ... تعطف
والقصيد طويل، ولفظه لفظ جزيل، ومعناه معنى جليل، والنظير في مساقه نزرٌ قليل. وكلام الوزير
الأجلِّ كلّه رفيع، ومنحاه بديع، يحلُّ من القلوب في صميمها، ويزين العيون بهجة بأزاهر آداب حياة
النفوس في نسيمها، كثيراً ما يأتي بالمبدعات، ويبرز من خاطره أنواع المعجزات، حتى كان ما أنزل
على الملكين أو مرتبط في مُجَاجِ أقلامه.
وفي رثاء أحد الأعيان يقول أبو الحسن بن عطية رحمه الله:
كذَبَتْ ظُنُونُكَ ما العَزاءُ جَميلا ... أو ما رأيتَ َدمَ العُلا مَطْلُولا