للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

قدْ كنتَ في ذاكَ المُقامِ مُخَيَّرا ... لكنْ ثبتَّ وزلّتِ الأقدامُ

لم تُلف فيه سِوى الفرارأو الرَّدى ... فاخترتَ صِرْفَ الموتِ وَهْوَ زُؤامُ

فأَبَتْ لَكَ الذَّمَّ المكارِمُ والعُلا ... والسَّمّهريُّ اللدنُ والصمصامُ

اللَّيلُ بعْدَكَ سَرْمدٌ لا ينقضي ... فكأنما ساعاتُه أعوامُ

والأُنْسُ غمٌّ والسُّرورُ كآبةٌ ... والنَّومُ سُهْدٌ والحياةُ حمامُ

لمن اطَّرَحْتَ المجدَ وَهْوَ كأنه ... طُللٌ تُعَفِّيهِ صَباً وغمامُ

ولمنْ تركتَ الصَّافِنات كأنها ... موسُومَةٌ باللؤمِ وَهْيَ كِرَامُ

ولقدْ عَهِدْتُكَ كوكباً أبراجُهُ ... جُرْدُ المذاكي والسّماءُ قَتامُ

وعَهِدْتُ سيْفَكَ جَدْوَلاً في وَرْدِهِ ... يَوْمَ الكريهَةِ للنُّفوسِ زِمامُ

بَكَتِ السَّوابقُ منْ تَسَمَّى أرْقماً ... والحرْبُ سلْمٌ إنّه ضرغامُ

زفرتْ لموتِ أبي شجاعِ زفرةً ... لم يَبْقَ سَاعتَها لَهُنَّ حِزامُ

عَمَّتْ رَزِيَّتُه القُلوبَ فَكُلُّها ... كَأْسٌ وأنواعُ الهُمومِ مُدامُ

كَثُرَ العَوِيلُ عليه يومَ نَعِيِّه ... حتّى كأن العالمينَ حِمَامُ

وَحَكَتْ دموعَ الغانياتِ عقُودُها ... لو لم يَكُنْ لِعُقُودِهِن نِظام

يا حامِلينَ النَّعْشَ أيْنَ جِيادُه ... يا مُلْبِسيه التُّرْبَ أيْنَ اللامُ

أيْنَ السَّماحةُ والفَصاحَةُ والنُّهى ... منهُ وأيْنَ الجُودُ والإكرامُ

<<  <  ج: ص:  >  >>