للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

بنور الإيمان سِلْكَها؛ وطهر بالهدى رِجْسَهَا وإِفْكَهَا

وهي عَلَى ضفة نهر، استدار بها استدارة القُلْبِ بالسَّاعِدِ؛ فحكت واسطة عقد، على نَحْرِ كَاعِبٍ نَاهِد.

قد أطلت على خَمَائِلِها إطلال العروس من منصتها، واقتطعت في الجو أكثر من خصتها. ولها جَنَابٌ

خَصيب، يروق منه مرأى عجيب. فمروا بقصر يلبش، وقد سالت جداولُه، واخْتالت خَمَائلُه. فما

تجول به العينُ إلا في مدينة غشاء، أو بقعة أنيقة زهراء. فتلقاهم الأديب أبوزيد بن مقانا، قاضي

حضرته. فأنزلهم، وأوْرى بالمبَرَّة زنده لهم، وقدم لهم طعاما، واعتقد قبوله منه، منّاً عليه وإنعاما.

فطعموا، وقَعَدَ القاضي بباب المجلس رقيبا لا يبرح، وعين المتوكل حياء منه لا تجول ولا تَمْرح.

فخرج أبو محمد، وقد أضرمه بتثقيله، وحرمه راحة رواحه ومقيله، فلقي ابن خيرون منتظرا له، وقد

أعد لحلولهم منزله، فصار معه أبو محمد إلى مجلس، قد ابتسمت ثُغُورُ نُوَاره، وخَجِلَت خُدُودُ وَرْدِه

من زوَّارِه. وأبدتْ صُدُور أباريقِه أسرَارَها، وضمت عليه المجالس أزرارها. وحين حضروقت

الأنس وحينه، وتأرَّجتأزْهَارُه ورياحينه، وجه مَن يَرْقُب المتوكل حين يقوم جليسه، ويَزولُ موحِشُه لا

أَنِيسُهُ. فأقام الرسول، والقاضي بمكانه لا

<<  <  ج: ص:  >  >>