عباس: (الهَوَى إِلهٌ مَعْبُود). وتلا قول امره تعالى: (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ).
وقال بعض الحكماء: - الهَوَى جَلِيسُ مُمْتع، واَلِيفٌ مونس، ومالك قاهر. يملك الأبدان وأرواحها،
وامقلوب وخواطرها، والعيون ونواظرها، والنفوس واراها. توارى على الأبصار مدخله؛ وخفي عن
القُلُوبِ مسلكُه.
وسئل أبو نوفل المدني: هَلْ سَلِمَ أحدٌ من الحب والهوى؟ فقال: نعم، الجِلْفُ الجافي الذي ليس له
فَضْلُ ولاَفَهْمٌ. فأمَّا من في طبعه أدنى ظَرْف، أو أقل لُطْف، أو معه دماثة أهل (الحجاز) وحلاوتهم،
ورقة أهل (العراق) وأدبهم؛ فهيهات هيهات. وما رأيت فاضلا يسلم من الهه؛ لكن في الناس من يملك
نفسه، ويغلب هواه، ولا يظهر ما كمن في قلبه.
قوله: (الجِلْف الجافي) يريد الأعرابي الجافي في خلقته وأخلاقه.
وقال أبو حاتم عن أبي عبيدة: الجِلْفُ هو الجافي، الخالي الجوف مثل الدن الفارغ. ويقال للشاة
المسلوخة بلا رأس، ولا بطن: جِلْف. وإِنما يقال للرجل: جِلْف؛ إذا وصف بالجَفَاء، وقلة العقل. يراد
أن جوفه هواء خال من العقل. وأنشد يعقوب، لقيس بن الخطيم:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute