ألَمَّتْ وما غيرُ الوِشاح وشاحُ ... ولا غيرُ أطرافِ الثُّدِيِّ رِماحُ
ولا غيرُ ما فوقَ الروادفِ بانةٌ ... ولا غيرُ ما فوقَ الجُيُوبِ صَباحُ
ولا وَرْدَ إلاَّ ما حَوتْ وجناتُها ... ولا غيرَ منظومِ الثُّغورِ أقاحُ
فبِتْنا وما تحتَ الوِشاحِ مُحَرَّمٌ ... علينا وما فوقَ الوِشاحِ مُباحُ
وكان القاضي أبو الحسن رحمه الله للعلياء سِمَاكاً وسُها، تتيه بمفاخره (شريش) على (حمص)
وَتَزْهَى، وكانت له سجايا أعذب من الرَّشفات، وأحلى من النمير والفرات، مبرأة من السهو، منزهة
من التكبر والزهو.
غذَّته الأصالة بزلالها؛ ورفَّته العفة تحت ظلالها، فرقى من المعالي أعلى هضابها، وبذَّ أتراب الإنابة
وجميع أربابِها، لم تعرف له قط صبوة؛ ولا خطت قدماه في زلة خطوة. أعفّ الناس باطنا وظاهرا؛
وأطهرهم أردانا ومآزرا. حامل فقه وآداب؛ متفننا في اللغات والإعراب. جليل المقدار؛ سليم الإعلان
والإسرار، عدلاً في أحكامه؛ جزًلا في نقضه وإِبرامه. محلّى بالسكينة والوقار؛ معلما بِسِيمَا الأخيار
والأبرار، ملتزماً للتواضع والتأنيس؛ برّا بالرَّائِد والجليس، ومهابة الحال، والصواب في المقال. وليَ
القضاء، وهو كاره لخِطته؛ خائف من وطأته، إبقاء منه على صيانته، وحفظا لديانته. وفي ذلك يقول:
كنت مذ كنت خائفاً ... أنْ ألِي خُطَّةَ القضا
لم أُرِدْها وإنَّما ... ساقها نَحْوِيَّ القضا
مع أنه كان - رحمه الله - قاصداً قصد المتورعين؛ سالكاً منهج المشرعين، عارفا بالأحكام
وحقائقها؛ حافظا لجلائلها ودقائقها، جاريا في