نظمتُ جميعَها نظم الدُّر في السِّلك، وأضفتُ الشيء إلى مثله إضافة الاستحقاق والملك ولم أمتّ
سبيلي إلى الإسهاب، ولا تعلقتُ بإِطناب الإطناب، خيفة من الملل ورغبة عن الكسل. نخلتُ فيه
نصيحتي، وبذلتُ جهد قريحتي. وإن لم أكُن اخترعتُ، فَلَعَلِّي قد انْطبعتُ، وأتقنتُ ما صنَّفتُ
وجمعتُ.
على أني ما ألّفتُه إلا بذَماءنفس تالفة، وحال متغيرةٍ كاسفةٍ، وقلب عليل، وذهن كليل، وصدر بنيران
الخُطوب مشعول، وفكرٍ بحُسام النوائب مفلول، في زمان دَأْبُهُ عداوةُ الأحرار، والإساءة لذوي
الأخطار، لاينفكُّ عن إحالة الأحوال، وأن يمْحَق بشاشة أهل الوفاء مَحْقَ اللّيالي سَمَاوةَ الهلال. واهاً
له كم رفع من غبيٍّ، ووضع من عليٍّ، وأسعط من أُنوفٍ بالرَّغام، وأسقط من سادةٍ إسقاط حروف
الإدْغَام:
يحطُّ من لا تَفِي الدنيا بقيمته ... جوراً ويرفعُ أقواماً بلا قيمِ
أُعاتبه فما يعتبنُي، وأُسالمه فيصول ويُرهبني، حتى أتعجَّبَ من أمري، وأُنشدُ في سري وجهري:
من أين أُبخس لا في ساعدي قصَر ... عن المساعي ولا في مقولي خَطَلُ
إنْ نظَمتُ الكلام أحكمته، وإن نثرثُه ثَقفتُهُ وقوَّمته:
إنْ لم أكُن فارس الهيجاء من هوج ... فإنني فارس القرطاس والقلم
ولي لسانٌ يظلُّ الدرُّ مقتسماً ... ما بين منتثرٍ منه ومنتظمٍ
على أني لم أَرْضَ بالشعر بضاعةً، ولا اتخدتُ الاستجداء به حرفةً ولا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute