للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الملازم، ومطفئُ جمرة الحرب العوان، وقاتل

العَدُوِّ بلا صارم ولا سِنانٍ، قلمي يفُلُّ القواصل، ويتخلَّلُ الأباطح والمعاقل، ويهُزُّ المحاضر والمحافل،

ويَقْمعُ الحواسِد والعواذل.

أنا كاهل الدولة وهاديها، ومجيبُ صارخها ومُناديها، ووسْطى سِلْكِها ومدير فَلَكِها؛ إن جالت أنامِلي

في مهرق، أسمعت الصُّمَّ بلاغة وبياناً، واستنزلتِ العُصْمَ إِبْداعاً وإحساناً. أصردُ الصُّكوك فأُنَظِّمُها

تنظيماً بلسانٍ أمضى من السنان اللَّهْذَم، وكلام أَقْطَعَ من الحُسام الأخْذمِ، تَخدِي بها الرِّفاق في الآفاق،

وتهدي بها القَِطار في الأقطار. قد احتويتُ على المملكة بأسرها، وتَحَكَّمتُ في طيِّها ونشرها، أنا

قُطْبُ مدارها و (جُهَيْنَةُ أخْبارِها) وسِرُّ اختيارها واخْتِبارها، ومُظْهِر مجْدِها وفَخارِها. أعقد عُقود

الولايات لكل والٍ، وأَمْنَحُهم من المَبَرَّةِ كلّ صافية المنهل، ضافية السِّرْبالِ؛ إن تُلِيَتْ سُوَرُها في

المحاضر، أو جُلِّيَتْ صوَرُها على المنابر، عقَلَت المُسْتَوفِز والعابر، وشغَلَت خاطر كلِّ خاطر. فلا

غَرْوَ أنْ فُزْتُ منها بأعْلى القداح، وإنْ حَلَلْتُ محلَّ الأنْمُلة من الرِّماح.

وفي المعنى أيضاً: أنا للخلافة يُمْناها النَّافِعة، وراحَتُها القابضَة والداّفِعة، صاحبُ ديوانها، ومُشَيِّدُ

أركانها، ومِفْتاحُ نَيْلها، ومِصباحُ لَيْلها، أسْتَجْلِبُ فوائِدَها، وأُقَيِّدُ شَوارِدها، لولا قلمي لأصْبَح عَقْدُ

الجراحات محلولاً، ودَمُ الجنايات مَطْلُولاً، ويَدُ التَّناصُف مغْلولَةً، وصوارمُ التعاطُف مفْلولَةً، وَرَسْمُ

الرُّسوم دارِساً، وعِلْمُ التَّحْقيق مُتَشاكلاً مُتَلابساً. فأنا عارِضُها الماطِرُ، وبَحْرُها الزَّاخِر، مِفْتاحُ كلِّ غَلَقٍ

مُبْهَمٍ، ومِصْباحُ كلِّ غَسَقٍ مُظْلم. أُقَسِّمُ بالسَّويَّةِ، وأعْدِلُ بين الرَّعِيَّة. أُحَسِّنُ المعاني وأُحقِّقُها، وأُناقش

الحُسْبانات وأُدَقِّقُها. فأنا

<<  <  ج: ص:  >  >>