للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقولُهُ: {أَفَأَمِنُوا أَنْ تَاتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ} أي: أفأمن هؤلاء الذين لا يقرُّون بأن الله ربَّهم إلا وهم مشركون في عبادتهم إياه غير أن تأتيهم غاشية تغشاهم من عقوبة الله وعذابه (١)، على شركهم بالله، أو تأتيهم القيامة فجأةً وهم مقيمون على شركهم وكفرهم بربِّهم, فيخلدهم الله في ناره، وهم لا يدرون بمجيئها وقيامتها, بنحو ذلك قال مجاهد (٢)

وقتادة (٣). يقال غَشِيَه الشيء يَغْشَاهُ غِشْياناً وهو غاشٍ, وهو ما غطى الشيء وجلله (٤).

وقوله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} أي: قل يا محمد: هذه الدعوة التي أدعو إليها, والطريقة التي أنا عليها من الدعاء إلى توحيد الله وإخلاص العبادة له دون الآلهة والأوثان، والانتهاء إلى طاعته، وترك معصيته سبيلي, وطريقي ودعوتي أدعو إلى الله وحده على بصيرة, بذلك ويقين علم مني (٥)، أنا ومن يدعو إليه على بصيرة أيضًا من اتبعني وصدقني, {وَسُبْحَانَ اللَّهِ} أي: تنزيهًا وتعظيمًا له من أن يكون له شريك في ملكه أو معبود سواه في سلطانه, وأنا بريءٌ من أهل الشرك به, ولست منهم ولا هم منّي (٦).


(١) ابن جرير، مرجع سابق، ١٦/ ٢٩٠.عبدالرزاق، مرجع سابق، ١/ ٣٢٩. فائدة: الشرك وترك التوحيد سبب للعذاب المباغت والعقاب العاجل المفاجئ. بيان إمكان إتيان الغاشية في الدنيا بغتة أو يوم القيامة يحرص المؤمن على تتبع أشراط الساعة ليبقى قلبه بذكر الله نابضاً، ورجاؤه برحمة الله معلقاً. نصر والهلالي، مرجع سابق، ١/ ٨٩٨.
(٢) مجاهد، مرجع سابق، ١/ ٤٠١.ابن جرير، مرجع سابق، ١٣/ ٣٧٧. ابن أبي حاتم، مرجع سابق، ٧/ ٢٢٠٨.
(٣) عبدالرزاق، مرجع سابق، ١/ ٣٢٩.ابن جرير، مرجع سابق، ١٦/ ٢٩١.ابن أبي حاتم، مرجع سابق، ٧/ ٢٢٠٩.
(٤) يُقَالُ: غَشِيَهُ يَغْشَاهُ غِشْياناً إِذا جاءَهُ، وغَشَّاهُ تَغْشِيةً إِذا غَطَّاه. وغَشِيَ الشَّيْءَ إِذا لابَسَه. وغَشِيَ المرأَة إِذا جامَعها. وغُشِيَ عَلَيْهِ: ... أُغْمِيَ عَلَيْهِ. ابن منظور، مرجع سابق، ١٥/ ١٢٧.
(٥) كذا في الأصل: "مني".نص ابن جرير، مرجع سابق، ١٣/ ٣٧٨.بزيادة" مني به" ولعل هذا الأصوب لتمام المعنى.
(٦) ابن جرير، مرجع سابق، ١٣/ ٣٧٩.

<<  <   >  >>