أسرع الناس إلى القول به وإعلانه وهم يستنبطون الأحكام من مصدرها الأول، وهو القرآن العظيم، لكن أولئك العلماء - رضي الله عنهم - كانوا على بصيرة من آيات الكتاب العزيز، يعرفون عامها وخاصها، مطلقلها ومقيدها، وناسخها ومنسوخها وكانوا على دراية منقطعة النظير بدلالات المفردات ودلالات التراكيب، وقد خدموا كتال الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - خدمة تقصر عنها الهمم وتكل الأبصار فكيف تسول لقول أنفسهم أن يرموا سلفنا العظيم بالغفلة، وأن يستدركوا عليهم هذا الاستدراك الغريب.؟!
إنكار مصدرية السنة:
من البدية أن مستند منكري حد الردة في استدلالهم بالأيات القرآنية التي استدلوا بها - وقد تقدمت - أن مستندهم الوحيد هو خلو القرآن من النص على عقوبة محددة توقع في الدنيا على المرتدين. وهم بذلك ينزلون أنفسهم منزلة من ينكر مصدرية السنة التي ورد فيها تحديد عقوبة المرتد في الدنيا وهي القتل. ففي الحديث الصحيح قال - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ بدًل دينه فاقتلوه" وقد جرى العمل بهذا التوجيه النبوي في حياة صاحب الدعوة، وفي حياة خلفائه الراشدين، فتقررت هذه العقوبة - القتل - حداً للمرتد في السنة القولية، وفي السنة العملية، ثم اتفق الفقهاء فيما بعد على شرعية هذه العقوبة، ولم يعرف بينهم مخالف قط.