تعرضت جميع المذاهب الفقهية لذكر حد الردة وبيان أحكامه وفصلت القول في ذلك تقصيلاً دقيقاً، لم يخلُ منه مصدر فقهي من مصادرهم التي وضعوها شاملة لكل أبواب الفقه. ويلحق بالردة جريمة أخرى هي: الزندقة، والنسة إليها زنديق وهي كلمة غير عربية ولكنها عُرَّبت. وهي تطوير لمعنى كلمة منافق فالزنديق هو المنافق مع فارق لحظه الفقهاء جعلهم يؤثرون كلمة زنديق على بعض الأشخاص وكان يُطْلَق عليه قبل ظهور المذاهب الفقهية - كما جاء في الكتاب والسنة مصطلح "منافق" وقد عرفنا أن المنافق في العقيدة هو الذي يبطن الكفر ويظهر الإيمان. وتجرى عليه أحكام الإسلام من حيث الظاهر وامره مفوض إلى الله، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - ينهي عن قتلهم لنطقهم بالشهادتين وأدائهم شعائر الإسلام من صلاة وصيام وحج.
أما الزنديق فالمراد به مَنْ يبطن الكفر ويظهر الإيمان تقية وتستراً ثم يكون حرباً على الله ورسوله، فيروج الأفكار السيئة عن الإسلام ويسخر من قيمه وأحكامه، يكون هذا دأبة في كل وادٍ ونادٍ وشغله الشاغل في كل وقت. ويسخر من صحابة رسول الله ورجالات الإسلام من متكلمين ومفسرين وأصوليين وفقهاء.