وهو - بهذا - أشد خطراً من المرتد صراحة وإن تظاهر بأنه مؤمن وصلى وصام وزعم أنه مسلم.
وهذا الصنف من الناس كثيرون الآن، منهم من وصف كتاب الله بأنه كتاب متخلف؟! ومنهم من وصفه بأنه كتاب جبان؟! ومنهم من قدح في عدالة الصحابة، ومنهم من وصف أحكام الشريعة بالجمود وعدم صلاحيتها للتطبيق بعد عصرها الأول؟! ومنهم من يشكك في قيمة السنة النبوية ويطعن في روايتها ولا يعتمد منها إلا بضعة أحاديث؟
هؤلاء كلهم زنادقة مرجفون، وخطرهم - كما تقدم - اشد وأنكى من خطر المرتدين الصرحاء.
ولا خلاف بين الفقهاء في تطبيق حد الردة عليهم، إنما الخلاف هل تقبل منهم توبة ورجوع إلى الإسلام أم لا تقبل.
فإمام دار الهجرة مالك بن أنس ذهب إلى أن الزنديق لا تقبل منه توبة، بل يقتل بمجرد ثبوت زندقته بعد رفع الأمر إلى ولي الأمر الذي يحكم بما أنزل الله، أما إذا جاء هو تائباً من تلقاء نفسه قبل أن يُقّدر عليه فتقبل توبته، فإن ظل على ذندقته وجاهر بكيده للإسلام قتل بلا استتابة.
وغير مالك من الأئمة يقولون باستتابته ونصحه وإرشاده. وهذا مذهب معتدل حرى بالقبول؛ لإن في غرض التوبة عليه إبراء لذمة الجماعة المسلمة، وإعذاراً له قبل إقامة الحد عليه.