وقد تابعت طرفاً من هذه الحملة حين وجودي بالخارج، ولكن لم تتح لي فرصة المتابعة لكل ما قالوه في انكارهم لحد الردة في الإسلام، لأن الصحف والمجلات المصرية لا تصل إلينا بانتظام. وبعد عودتي إلى القاهرة تمكنت - والحمد لله - من الحصول على ما يصور وجهة نظرهم تصويراً تاماً. وعرفت أساليبهم في الكر والفر، ومنهجهم في الاستدلال، وتعاملهم مع النصوص وأدلة الأحكام الشرعية، وتمنيت لو تصدى الأزهر الشريف لدعاواهم وأصدر بياناً شافياً حول موضوع النزاع، لإن الأزهر هو الجهة الوحيدة التي تملك - شرعاً وقانوناً - حسم الخلاف في مثل هذه الأمور، ولكن الأزهر لم يفعل شيئاً، وترك المجال يقف فيه الشيخ الغزالي وحده يرد على بعض ما يثار في الموضوع، رداً يخضع إعلامياً للحذف والتبديل، لإن المزاج العام للإعلام الصحفي هو الميل إلى وجهة نظر المعارضين لأسباب لا تخفى على أحد ثم سعدت يوماً حين وقعت عيني على عنوان مقال لفضيلة الأستاذ الدكتور محمد السيد طنطاوي مفتي الجمهورية، وتوقعت أن دار الإفتاء نهضت بما لم ينهض به الأزهر لحسم الخلاف بين طرفى النزاع بكلمة خالصة لوجه الله تعالى، ودار الإفتاء هي "أزهر مصغر" لحمة وسدى.
ولكن بعد الفراغ من قراءة مقال فضيلة المفتي "كلمة عن الردة والمرتدين" ذهبت سعادتي ادراج الرياح، لإن المقال لم يتصد لجوهر الخلاف، ولم يضع حداً للتطاول على الإسلام نفسه، ثم على الرعيل