(تنبيهات) الأول قال في جمع الجوامع فرض الكفاية مهم يقصد حصوله من غير نظر بالذات إلى فاعله فقال المحلي أي يقصد حصوله في الجملة فلا ينظر إلى فاعله إلا بالتبع للفعل ضرورة أنه لا يحصل بدون فاعل فيتناول ما هو ديني كصلاة الجنازة والأمر بالمعروف ودنيوي كالحرف والصنائع وخرج فرض العين فانه منظور بالذات إلى فاعله حيث قصد حصوله من كان واحد من المكلفين أو من عين مخصوصة كالنبي فيما فرض عليه دون أمته اهـ. وهل هو أفضل من فرض العين لأنه يصام بقيام البعض به جميع المكلفين عن الإثم المرتب على تركهم له وفرض العين إنما يسقط الإثم عن القائم به فقط أو فرض العين أفضل لشدة اعتناء الشارع به يقصد حصوله من كل واحد في الأغلب قولان وهل فرض الكفاية واجب على البعض أو على الكل قولان وعلى الأول فقيل إن ذلك البعض معين عند الله تعالى يسقط الفرض بفعله وبفعل غيره كما يسقط الدين عن الشخص بأداء غيره عنه وقيل هو من قام به ويتعين بالشروع فيه فيصير كفرض العين في وجوب إتمامه وسنة الكفاية كفروضها في جميع ما تقدم قال الإمام شهاب الدين القرافي رحمه الله في القرن الثالث عشر بين قاعدتي فرض الكفاية وفرض العين وظابط كل واحد منهما وتحقيقه بحيث لا يلتبس بغيره أن تقول الأفعال قسمان منها ما تكرر مصلحته بتكرره ومنها ما لاتتكرر مصلحته بتكرره فالقسم الأول شرعه صاحب الشرع على الأعيان تكثيرا للمصلحة بتكرر ذلك الفعل كصلاة الظهر فإن مصلحتها الخضوع لله تعالى وتعظيمه ومناجاته والتذلل له والمثول بين يديه والتفهم لخطابه والتأدب بآدابه وهذه المصالح تكثر كما كررت الصلاة والقسم الثاني كانقاذ الغريق إذا سأله إنسان فالنازل بعد ذلك إلى البحر لا يحصل شيئا من المصلحة فجعله صاحب الشرع على الكفاية نفيا للعبث في الأفعال وكذا كسوة العريان وإطعام الجوعان ونحوهما فهذا هو ضابط القاعدتين وبه تعرفان. ثم ذكر مسألتين المسألة الأولى أن الكفاية والأعيان كما يتصوران في الواجبات يتصوران في المندوبات كالأذان والإقامة والتسليم والتشميت وما يفعل بالأموات من المندوبات فهذه على الكفاية والذي على الأعيان كالوتر والفجر وصيام الأيام الفاضلة وصلاة العيدين والطواف في غير النسك والصدقات المسألة الثانية يكفي في سقوط المأمور به على الكفاية ظن الفعل لا وقوعه تحقيقا فإذا غلب على ظن هذه الطائفة أن تلك فعلت سقط عن هذه وإذا غلب على ظن تلك أن هذه فعلت سقط عن تلك وإن غلب على ظن كل منهما فعل الأخرى سقط الفعل عنهما اهـ. وإلى كلام الشهاب هذه أشار الإمام سيدي أبو الحسن علي الزقاق بقوله في المنهج المنتخب