الثالثة: إذا أكثر الراوي من الروايات مع قلة مخالطته لأهل الحديث فإن أمكن تحصيل ذلك القدر في ذلك الزمان، قبلت روايته وإلا ردت كلها ذكره في (المحصول).
ص: وشرط الراوي العدالة، وهي ملكة تمنع عن اقتراف الكبائر وصغائر الخسة كسرقة لقمة، وهوى النفس، والرذائل المباحة كالبول في الطريق.
ش: يشترط في قبول رواية الراوي كونه عدلا، والعدالة لغة: التوسط وشرعا ملكة أي هيئة راسخة في النفس تمنعها عن اقتراف الكبائر.
والصغائر الدالة على الخسة كسرقة لقمة وتطفيف/ (١٢٥/أ/م) حبة عمدا، واستثنى الحليمي من كون هذا القسم من الصغائر: ما إذا كان المسروق منه مسكينا محتاجا إلى المأخوذ منه فتكون كبيرة، ولم يحتج إلى ذكر الإصرار على الصغائر، لأن الإصرار عليها يصيرها كبيرة، وقوله:(وهوى النفس) أي تمنعه عن هوى النفس.
قال الشارح: وهذا من تفقه والده فإنه قال: لا بد عندي في العدالة من وصف لم يتعرضوا له، وهو الاعتدال عند انبعاث الأغراض حتى يملك نفسه عن اتباع هواه، فإن المتقي للكبائر والصغائر الملازم للطاعة والمروءة قد يستمر على ذلك ما دام سالما من الهوى فإذا غلبه هواه خرج عن الاعتدال وانحل عصام التقوى وانتفاء هذا الوصف هو المقصود من العدول، قال تعالى:{وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى} انتهى.
قلت: إن أراد المصنف أن تلك الملكة تمنع وجود هوى النفس – وهو ظاهر كلامه وكلام الشارح – فهذا مردود فليس يعتبر في العدل، ألا يهوى خلاف الحق، وإنما المعتبر فيه ألا يوقعه الهوى في الباطل، فمن خالف هواه