فالصحابة أقوالهم فيها مختلفة، فالعجب من المصنف -رحمه الله-: كيف فطن لهذا في تلك، ولم يفطن في هذه!
وأما شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-؛ فالباب عنده واحد في كلا المسألتين.
وملخص القول في هذه المسألة: أن المسافر لا يخلو من أحوال:
الأولى: أن يكون سائرًا في الطريق؛ فهذا يقصر بالاتفاق.
الثانية: أن يصل إلى المدينة؛ وهو لا يجمع الإقامة التي تخرجه عن حد السفر، كحال النبي - صلى الله عليه وسلم - فهذا يقصر من غير تحديد.
الثالثة: أن يصل إلى بلد غير بلده، ويعزم على البقاء فترة تخرجه عن حدّ السفر -عرفًا- فهذا يتم ولا يقصر، والله أعلم.
[١٤ - باب: صلاة الكسوفين]
١٩٥ - قال الْمُصَنِّف (١):
"وهي صلاة الآيات وهي سنَّة.
قال الماتن في "شرحه": أي: لعدم ورود ما يفيد الوجوب، ومجرد الفعل لا يفيد زيادة على كون المفعول مسنونًا، انتهى.
وزاد في "السيل الجرار": "اعلم أنه قد اجتمع هاهنا في صلاة الكُسوف الفعل والقول، ومن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الشمس والقمر آيتان من آياتِ اللهِ، وإنهما لا يكسفان لموت أحدٍ ولا لحياته، فإذا رأيتموهما كذلك؛ فافزعوا إلى المساجد"، وفي رواية:"فصلوا وادعوا"، والظاهر الوجوب؛ فإن صح ما قيل من وقوع الإجماع على عدم الوجوب؛ كان صارفًا وإلا فلا "انتهى".