واختلف النحويون في رفع الأسماء بهذه الأفعال المستعارة نحو «تحركت النخلة»، و «سقط الحائط»، و «مات زيد»، وما أشبه ذلك بأي شيء ترفع الأسماء ولا أفعال لها في الحقيقة؟ فقالوا في ذلك أقوالاً: أما ما ذهب إليه من لزم مذهب سيبويه ومقياس كلامه فإنه يقول: إنا لا نرفع الأسماء بالأفعال لأنها فاعلة في الحقيقة، وإنما الفعل حديث عن المحدث عنه وآلة ترفع ما شغلت به، فتقول:«قام زيد» و «لم يقم زيد» و «سيقوم زيد» و «هل قام زيد»؟ و «لن يقوم زيد». فهو في كل هذه الأحوال مرفوع بإسناد الحديث إليه فاعلاً كان في الحقيقة أو غير فاعل. وكذلك «ضرب زيد» و «أكرم عبد الله» لما حذف الفاعل وشغل الفعل بالمفعول فجعل حديثًا عنه ارتفع به، وكذلك «مرض زيد»، و «مات عمرو»، و «سقط الحائط» وما أشبه ذلك. لما شغلت الأفعال بهذه الأسماء وجعلت حديثًا عنها وجب رفعها بها.
وقال الكسائي ومن ذهب مذهبه: الأسماء ترفع بعد هذه الأفعال لأنها فاعلة في المعنى فذهب إلى أن «ما قام زيد» بمنزلة «ترك القيام زيد» وكذلك «لم يقم عمرو»، كذلك «ضرب زيد» و «شتم عمرو» وما أشبه ذلك، لأنه في معنى «عجز ونكل عن الانتصار» فهو فاعل على هذا التقدير. وإذا سمي الفاعل انصرف الحديث إليه وخرج المفعول منصوبًا.
وقال من يذهب هذا المذهب - وقد تعلق به أيضًا جماعة من متأخري البصريين - إن قولنا:«تحركت النخلة» إنما رفعناها بفعلها لأن التأويل إنه ظهر منها ما يشبه فعل المتحرك باختياره وفعله فرفعناها حملاً على ذلك. وكذلك «طالت النخلة» و «سقط الحائط». وما أشبه ذلك عندهم «مات زيد» لأن الموت وإن كان ليس من فعله فالذي يكابده عند الموت من النفس والعلاج والعلز، وما أشبه فعله فوجب رفع اسمه ذلك.
وقال آخرون «مات زيد» و «تحركت النخلة» و «سقط الحائط» وما أشبه ذلك أفعال مستعارة مضافة لفظًا إلى غير فاعلها في الحقيقة، وقد علم المقصد والمراد بها