فإن قال: كيف يبنى منه «فعل» مثل جهل وعلم؟ قلنا: نار أيضًا، والعلة واحدة.
فإن قال: كيف تبني منه فاعلاً مثل: ضارب وقاعد؟ قلنا: نائر بالهمز وأصله ناور لأن الواو عين الفعل فوقعت بعد ألف زائدة، ومن شأن الواو إذا تحركت وقبلها فتحة أن تنقلب ألفًا، فلما وقعت قبلها ألف كانت أقدر على القلب من الفتحة لأن الفتحة من الألف فقلبت الواو ألفًا، فاجتمعت ألفان ساكنتان، ولا يمكن الجمع بينهما فأبدلت الثانية همزة فقيل: نائر. ومثل ذلك قائم، ونائم وما أشبه ذلك، والباب واحد وتخفيف الهمزة بعد التحقيق جائز فيجعل بين بين.
فإن قال: فكيف يبني منه مثل «مفعل» نحو مكرم ومقبل؟ قيل له: منير، وأصله منور فنقلت حركة الواو إلى النون التي قبلها فسكنت الواو وانكسر ما قبلها فقلبت ياء فقيل: منير كما قيل ميزان وميعاد، وميقات فقلبت ياء لسكونها وانكسار ما قبلها.
فإن قال قائل: إذا قلت منور فما قبل الواو ساكن فهلا صححتها لأن الواو إذا سكن ما قبلها صحت كما يصح في لهو وغزو وعدو؟ قيل له: إن هذا من الاعلال الذي يتبع بعضه بعضًا، فلما اعتلت الواو في قولنا: نار ينور وأنار وجب إعلاها في ينير وفي منير فأعللناها لذلك، كما قيل: مستقيم، ومستعيذ، ونستعين، وأصله مستقوم، ومستعوذ، ونستعون فنقلت حركة الواو إلى ما قبلها، وقلبت ياء كذلك لزم في منير.
فإن قال: كيف يبني منه مثل «مستفعل» نحو مستخرج ومستضرب؟ قلنا: مستنير وأصله مستنور ففعلنا به ما فعلنا بمنير.
فإن قال: فكيف يبنى منه «مفتعل» نحو مقتدر ومكتسب قلنا: منتار كما ترى، وأصله منتور فقلبت الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها.
فإن قال قائل: فكيف يبني منه «مفعول» مثل مضروب ومقتول؟ قلنا: منور واصله منور بواوين الأولى عين الفعل، والثانية واو مفعول فنقلت حركة الواو الأولى إلى ما قبلها وأسكنت، فاجتمع واوان ساكنان فحذفت إحداهما فقيل: منور ومثل ذلك مفعول من قال ونام. يقول: مقول ومنوم. وإن كان من ذوات الياء نحو باع وكال قلت: مكيل ومبيع وأصله مكيول ومبيوع فأعل كما ذكرت لك. وفي هذا خلاف بين العلماء يطول شرحه، ليس هذا موضع ذكره.