«الذي» و «من» و «ما» أن «الذي» يصلح لكل موصوف ما يعقل وما لا يعقل، وللواحد العلم، وللجنس وهو يقوم مقام الصفة في كل موضع و «من» مخصوصة بما يعقل ولا تقع موقع الصفة، و «ما» مخصوصة لغير ما يعقل ولا يوصف بها. هذا مذهب الكوفيين.
وأما البصريون فيجيزون نعت هذه الأسماء ويقولون: ليس كل ما لم يكن نعتًا لم ينعت ألا ترى أن الأسماء الأعلام تنعت ولا ينعت بها وكذلك الأسماء النكرات التي ليست بمشتقة. قالوا: ولم يجز النعت بها لإبهامها. فأما «الذي» كونها نعتًا فلكثرة تصرفها وتمكنها في الاسمية. و «ما» و «من» قد يكونان اسمين وغير اسمين ويخرجان إلى الجزاء والاستفهام فليس لهما تمكن «الذي». ألا ترى أنهما بلفظ واحد في المذكر والمؤنث والواحد والاثنين والجمع، و «الذي» تحلقها التثنية والجمع والتأنيث فهذا دليل على تمكنها.
قال الفراء: من نعت «ما» و «من» فعلى القياس - ولم يزد عليه - ويجيزه أنه ليس من كلام العرب، قال: وإنما جاز في القياس لأنه إذا ادعى أنه معرفة لزمه أن ينعته قال: وأما «من» و «ما» فإنهما يؤكدان كقولك: «نظرت إلى ما عندك نفسه»، و «مررت بمن عندك نفسه» فتوكيدهما جائز عنده وعند غيره، ونعتهما جائز عند غيره كما ذكرت لك. وقد أجازه هو أيضًا قياسًا. ومما لا يجوز أن ينعت من الأسماء: الأسماء المستفهم بها والمجازى بها كلها لا يجوز أن تنعت ولا أن توصل لأنها موضوعة على الإبهام في الجزاء والاستفهام، والنعت والصلة يوضحانها ويخرجانها عن الإبهام فيبطل الجزاء والاستفهام بها.