قيل لمن ادعى معبودًا غير الله وقال باثنين أو ثلاثة: إنكم قد ثبتم الواحد بتثبيتكم ما بعده لأنه لا سبيل إلى تثبيت إثنين ووجودهما إلا بعد الإقرار بالواحد الذي هو الأول. وكذلك ما بعد الاثنين، فالواحد مضطر إلى الإقرار به، وما بعده محتاج إلى الدليل على صحته ولا فرق بين من تخطى الواحد إلى ما بعد ذلك بأيسر عدد وبين من تخطاه إلى ما بعده إلى أكثر العدد. فالواحد الأول الذي لا بد من إثباته والإقرار به قبل الإثنين والثلاثة وما بعد ذلك.
والواحد أيضًا: الذي لا نظير له ولا مثل كقولهم: فلان واحد قومه في الشرف أو الكرم أو الشجاعة وما أشبه ذلك، أي لا نظير له في ذلك ولا مساجل. ويقول القائل: من واحد بني تميم اليوم يا فلان؟
فيقال له: واحدهم اليوم فلان أي هو رئيسهم وعمدتهم. فالله عز وجل الواحد الذي لا نظير له، والله عز وجل الواحد الذي يعتمده عباده ويقصدونه ولا يتكلون إلا عليه عز وجل. ويقال رجل وحد للمنفرد قال النابغة:
كأن رحلي وقد زال النهار بنا ... بذي الجليل على مستأنس وحد
ويقال في العدد: واحد، واثنان، وثلاثة لا يستعمل أحد مكان واحد لا يقال أحد وثلاثة، وأربعة، لا يستعمل أحد في معنى واحد إلا فيما بعد العشرة فإنه يقال للمذكر أحد عشر رجلاً والمؤنث إحدى عشرة امرأة. فأحد فعل بمنزلة جبل وصنم في الوزن، وإحدى بمنزلة ذكرى في الوزن ولا يستعمل في هذا الموضع الواحد لا يقال واحد عشر رجلاً، لم يستعمل ذلك لأنه بني من الواحد اسم على فعل فقيل وحد ثم أبدلت الواو همزة بدلاً لازمًا في هذا الموضع فقيل أحد ثم جمع هو والعشرة فجعلا اسمًا واحدًا فقيل: أحد عشر فإذا جزت العشرين إلى ما بعد التسعين كان لك في أحد لغتان، إن شئت قلت أحد وعشرون رجلاً وإحدى وعشرون امرأة فتركت أحدًا على اللفظ الذي بنيته مع أحد عشر لأنه بعد العقد، وإن شئت رددته إلى الأصل فقلت: واحد وعشرون، ولا يجوز تغيير إحدى عن لفظها لا يجوز أن تقول واحدة وعشرون لا