ويقال:«فلان ولي فلان» أي ولي نعمته أي قد أولاه نعمته وأنعم عليه، وأسداها إليه فلم يحل بينه وبينها. فالله عز وجل ولي المؤمنين بإنعامه عليهم وإحسانه إليهم.
فإن قال قائل: فقد أنعم الله عز وجل على الكافرين كما أنعم على المؤمنين أفيجوز أن تقول: الله ولي الكافرين؟
قيل له لم نقل إنه لا معنى للولي إلا هذا بل قلنا: إن هذا أحد وجوه الولي، ومع ذلك فإن الله عز وجل اسمه لما أنعم على المؤمنين فقابلوا إنعامه بالشكر والإقرار والطاعة والتوحيد جاز أن يقال الله ولي الذين آمنوا بإنعامه عليهم وقبولهم وشكرهم. وإن كان قد أنعم على الكفار فلا يقال هو وليهم لجحودهم ذلك وتركهم الإقرار كما قال عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم:{إنما أنت منذر من يخشاها}، وقد أنذر من لم يخش أيضًا، ولكن لما لم ينتفع بإنذاره غير من خشي قيل:{أنت منذر من يخشاها} ولم يقل أنت منذر من لم يخش إذ لم ينتفع بذلك الإنذار. ومع ذلك فلما كان الولي قد يكون بمعنى الناصر والموالي والمثنى وغير ذلك لم يجز أن يقال: الله ولي الكافرين فيسبق إلى ظن السامع إنه يراد به أصل تلك الأوجه إذ كانت أشهر وأعرف وأكثر استعمالاً، ومنع من إطلاق ذلك للكفار التنزيل لأنه قال عز وجل {الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور، والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور، والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات}.
وتقول:«فلان ولي فلان» أي صاحب نعمته التي قد أسداها إليه وأنعم بها عليه كقول القائل لمن هو فوقه في الحال والمنزلة وكثرة المال، وقد أحسن إليه:«أنا وليك» أي أنا ولي نعمتك التي اصطنعتها إلي. وربما قال له ذلك طمعًا في نيل حظ منه مجازًا وإن لم يكن أحسن إليه قط أي اجعلني في جملة أوليائك الذين أحسنت إليهم لأستحق هذه الصفة.