أفيمحى الحب من الوجود مثلما امّحت منازله؟ أيفنى الغرام؟ إن الروح باقية يا دار، فلماذا لا تبقى العواطف ويخلد الشعور؟ أوَليست الذكرى من الماضي كالظل من الضاحي ... خبريني إذن يا دار عن حبي، إن ذكراه لا تزال حية في نفسي، فأين الحب؟
أيكون ظل لشيء وليس من شيء؟ أللماضي حقيقة قائمة ووجود ملموس، وأين مكانه في هذا الكون؟ أهو شيء وراء المادة، أم هو منها وفيها، أم هو قد فني إلا صورة له في الذهن هي هذه الذكرى؟ أوَتكون الذكرى هي العذاب لنا والنسيان هو الدواء؟
أيموت الحب كما يموت المحبوب؟ ما الحب، ما البغض، ما الحياة؟ خبري يا دار ماذا صنعتِ بحبنا وما استودعناك من أنفسنا الحرار؟ أبردت هذه الأنفاس واستحالت هواء تصفر به الريح؟ وذلك الحديث الذي كان كأنه قطع الروض الممطور؟ وأين أثر أقدامنا حين كنا نسير والحب ثالثنا، ومع الحب الطهر والعفاف؟ أين يا دار ذهب أمس بما يحمل من شعورنا وعواطفنا؟
أين يَنْصَبُّ نهر الزمان؟ هل يلتقي الشيخ المهدم بالشاب المتوثب الذي كان يوماً إيّاه؟ أين ذلك الطفل الذي كان يوماً «أنا ...»؟!
ماذا حل بنُعم يا دارَ نُعم؟ لقد سمع القمر نجواها وحديثها، وحمل النسيم طيبها وأريجها، وألبستها الشمس حلة من نورها، وكستها الأمطار ثوباً من قَطرها. فهل تخبرني عنها الشمس والقمر، وهل يحدثني حديثها النسيم والمطر؟