الربوية التي تجري في تلك الشركات لاشك أن الأصل فيها التحريم وأنها عقود فاسدة كما تقدم في أدلة القول الأول، وهي عقود أثَّرت في مالية تلك الشركات، ونصوص المنع من الربا مطلقا قليله وكثيره صريحة قطعية في الكتاب والسنة وإجماع الأمة؛ فمن قال بالتحريم فقد مشى على هذا الأصل.
ومن ثم فإن تلك المنهجية التي سلكها الفقهاء المعاصرون هي المنهجية الصحيحة ... فأعتقد أن الباحث التبس عليه الأمر، وهذا الالتباس ناشئ من الالتباس الذي وقع فيه في فهمه لنصوص الفقهاء المتقدمة، والتي تقدم الجواب على عدم دلالتها على ما ذكره من الجواز، وإلا فما فائدة {وَحَرَّمَ الرِّبَا} إذا قلنا أن الأصل في المعاملات الحل، ولو كان فيها عقود ربوية مقصودة ومتأصلة فيها؟!
ومن هذا المنطلق رأى أن قولَ من يقول بالإباحة في القسم المختلط من الشركات ليس في حاجة إلى استدلال؛ لأن معهم الأصل، وإنما الذي يحتاج إلى الاستدلال من يقول بالتحريم؛ لأنه مخالف للأصل، ثم ذكر عشرة اعتراضات للمحرمين وأجاب عليها:
١ - الاعتراض الأول: أنه تجوز المعاملة دون المشاركة؛ لأن المشاركة من الإعانة على الإثم؛ أما عموم المعاملة كالمبايعة والمؤاجرة والمهاداة فليس فيها إعانة على الإثم والعدوان.
٢ - الاعتراض الثاني: أن مُدَرَاءَ الشركة المختلطة قد ثبت أنهم ممن لا يتحرز عن المعاملات المحرمة تمويلا أو استثمارا أو نشاطا، وعليه فلا يجوز مشاركتهم طالما كانوا بهذه الصفة؛ لأن مشاركتهم ذريعة غالبة للمال المحرم.
٣ - الاعتراض الثالث: أنه حتى لو قلنا بمشروعية مشاركة غير المسلمين، فإن ذلك عائد إلى أن المعاملات المحظورة التي يمارسونها