ويجاب بأن الفرق بينهما ظاهر من وجهين: أحدهما: أن النجاسة وقعت بغير قصد في الغالب؛ بخلاف الاستثمار المحرم؛ فإنه مقصود أصلا. الثاني: أن النجاسة قد زالت ولم يبق لها أي أثر مطلقا، ولو بقي أثرها لما صح استعمال الماء بالإجماع؛ بخلاف هذه الاستثمارات المحرمة قرضا أو إقراضا؛ فإنها باقية بأصلها مؤثرة بذاتها. وأما السلع التي لا تخلو من يسير محرم كالصور، ففي بيعها خلاف، وعلى القول بالجواز ـ وهو الراجح ـ فلأنها غير مقصودة لبائعها ولا مشتريها غالبا، وقد يكون محتاجا لهذه الصحف؛ بخلاف الاستثمارات المحرمة؛ فإنها مقصودة لأرباب الشركات، والاستثمار في مثل هذه الشركات لا يتحقق فيه معنى الحاجة كما سيأتي.
وأما القياس على عقود الخدمات فبعيد؛ حيث لا أثر لمستخدميها في المعصية على من يستخدمها في المباح، ولا علاقة له به؛ بل يقتصر أثر المحرم عليه؛ بخلاف الاشتراك في مثل هذه الشركات؛ حيث تختلط الأموال اختلاطا شائعا وتؤخذ الفوائد المحرمة عليها جميعا، أو تخلط بالمال المحرم وتصطبغ به وتدفع الفوائد منها جميعا؛ فالحرام متأصل في مال كل مستثمر مع اختياره؛ حيث رضي بالمساهمة أو المضاربة في أسهم هذه الشركات. انظر: صناديق الاستثمار بالأسهم المحلية. مقال منشور في موقع الإسلام اليوم بتاريخ ٤/ ٣/١٤٢٦هـ.