للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جواز بيع العبد مع ما له من مال؛ فيبيعه سيده ومعه ماله بثمن نقدي، هذا الثمن هو ثمن العبد وماله، فهذا المال للعبد يعتبر تبعا للعبد الذي يجوز بيعه استقلالا، ولا يجوز بيع ماله استقلالا إلا بشروط الصرف، ولتبعيته للعبد جاز بيعه بغضِّ النظر عن توفر شروط الصرف في هذا المال. والأصل في جوازه حديثا ابن عمر في بيع العبد ومعه مال، وبيع الثمر قبل تأبيره.

ومنها: جواز بيع الحامل؛ سواء أكانت أمة أو حيوانا، ولا يخفى أنه لا يجوز بيع الحمل في بطن أمه إلا أن يكون تبعا غير مقصود فيجوز ذلك؛ إذ يغتفر في التبعية ما لا يغتفر في الاستقلال (١).


(١) وبمثل هذه القاعدة استدل الدكتور يوسف الشبيلي فقال: "فإذا كان الحرام الذي فيه يسيرا وتابعا غير مقصود فإن ذلك لا يقتضي حرمة السهم كله؛ بناء على القاعدة الشرعية: "أن اليسير التابع مغتفر"، لاسيما مع عموم البلوى، وهذا كالنجاسة اليسيرة إذا وقعت في الماء فلم تغيره فإنه يبقى على طهوريته، وكالسلع التي لا تخلو من يسير محرم؛ فإنه لا يحرم شراؤها وبيعها؛ لوجود ذلك اليسير؛ مثل الصحف التي قد يوجد بها الصور المحرمة، وكعقود الخدمات العامة مثل: الكهرباء والاتصالات والنقل ونحوها؛ فإن من المعلوم أن بعض من يستفيد من هذه الخدمات قد يستعين بها على المعصية، ومع ذلك فلا تحرم هذه الخدمات، ولا يعد العمل بها من الإعانة على المعصية؛ لأن استخدامها في المعصية يسير بالنظر إلى جملة المستفيدين من هذه الخدمات.
ويجاب بأن الفرق بينهما ظاهر من وجهين:
أحدهما: أن النجاسة وقعت بغير قصد في الغالب؛ بخلاف الاستثمار المحرم؛ فإنه مقصود أصلا.
الثاني: أن النجاسة قد زالت ولم يبق لها أي أثر مطلقا، ولو بقي أثرها لما صح استعمال الماء بالإجماع؛ بخلاف هذه الاستثمارات المحرمة قرضا أو إقراضا؛ فإنها باقية بأصلها مؤثرة بذاتها.
وأما السلع التي لا تخلو من يسير محرم كالصور، ففي بيعها خلاف، وعلى القول بالجواز ـ وهو الراجح ـ فلأنها غير مقصودة لبائعها ولا مشتريها غالبا، وقد يكون محتاجا لهذه الصحف؛ بخلاف الاستثمارات المحرمة؛ فإنها مقصودة لأرباب الشركات، والاستثمار في مثل هذه الشركات لا يتحقق فيه معنى الحاجة كما سيأتي.

وأما القياس على عقود الخدمات فبعيد؛ حيث لا أثر لمستخدميها في المعصية على من يستخدمها في المباح، ولا علاقة له به؛ بل يقتصر أثر المحرم عليه؛ بخلاف الاشتراك في مثل هذه الشركات؛ حيث تختلط الأموال اختلاطا شائعا وتؤخذ الفوائد المحرمة عليها جميعا، أو تخلط بالمال المحرم وتصطبغ به وتدفع الفوائد منها جميعا؛ فالحرام متأصل في مال كل مستثمر مع اختياره؛ حيث رضي بالمساهمة أو المضاربة في أسهم هذه الشركات.
انظر: صناديق الاستثمار بالأسهم المحلية. مقال منشور في موقع الإسلام اليوم بتاريخ ٤/ ٣/١٤٢٦هـ.

<<  <   >  >>