للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعياله لم يسافر؛ لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت» رواه أبو داود، وسواء كان تضررهم لقلة النفقة أو لضعفهم وسفر مثل هذا حرام، وإن كانوا لا يتضررون بل يتألمون وتنقص أحوالهم فإن لم يكن في السفر فائدة جسيمة تربو على ثواب مقامه عندهم كعلم يخاف فواته وشيخ يتعين الاجتماع به وإلا فمقامه عندهم أفضل، وهذا لعمري إذا صحت نيته في السفر كان مشروعا.

وأما إن كان كسفر كثير من الناس إنما يسافر قلقا وتزجية للوقت، فهذا مقامه يعبد الله في بيته خير بكل حال، ويحتاج صاحب هذه الحال أن يستشير في خاصة نفسه رجلا عالما بحاله وبما يصلحه، مأمونا على ذلك، فإن أحوال الناس تختلف في مثل هذا اختلافا متباينا (١).

وعن الخلال قال: سمعت أبا عبد الله ـ أي: الإمام أحمد ـ سئل عن حديث: «كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت» قال الرجل يكون له قرابة فيسافر ويتركهم، فإذا تركهم وحدهم أليس يضيعون وليس لهم أحد إلا هو؟ قلت: نعم. قال: هذا معناه. وسئل أخرى عن رجل خرج للكوفة ومن ثم سيذهب للحج وقد حج وخلف عيالا يخشى أن يضيعوا فذكر الحديث .. وفي رواية: «كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول» رواه النسائي وابن حبان والحاكم (٢).


(١) الفتاوى ٢٨/ ٢٨.
(٢) الحث على التجارة والصناعة للخلال ١/ ٨٠.

<<  <   >  >>