للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما احتجوا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - اجتمع في عصمته تسع نسوة (١).

وقولهم هذا باطل بدلالة الكتاب والسنة وإجماع الأمة، وبدلالة اللغة. لأنه لو كان المراد بالآية-كما يقولون - جواز الجمع بين تسع زوجات، لقال: انكحوا تسع زوجات، إذ لم يكن معروفاً عند العرب الذين نزل القرآن بلغتهم إذا أراد أحدهم أن يقول لصاحبه خذ تسعاً أن يقول: خذ اثنتين وثلاثاً وأربعًا (٢).

قال القرطبي (٣) رحمه الله: «اعلم أن هذا العدد «مثنى وثلاث ورباع» لا يدل على إباحة تسع، كما قاله من بعد فهمه للكتاب والسنة، وأعرض عما كان عليه سلف هذه الأمة، وزعم أن الواو جامعة، وعضد ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نكح تسعاً وجمع بينهن في عصمته، والذي صار إلى هذه الجهالة وقال هذه المقالة الرافضة وبعض أهل الظاهر، فجعلوا مثنى مثل اثنتين، وكذلك ثلاث ورباع، وذهب بعض أهل الظاهر أيضاً إلى أقبح منها فقالوا بإباحة الجمع بين ثمان عشرة تمسكاً منه بأن العدل في تلك الصيغ يفيد التكرار، والواو للجمع، فحعل مثنى: بمعنى اثنتين اثنتين، وكذلك ثلاث ورباع.

وهذا كله جهل باللسان والسنة ومخالفة لإجماع الأمة، إذ لم يسمع عن أحد من الصحابة ولا التابعين أنه جمع في عصمته أكثر من أربع ..» وقال أيضًا (٤): «وأما قولهم: إن الواو جامعة. فقد قيل ذلك لكن الله تعالى خاطب العرب بأفصح اللغات. والعرب لا تدع أن تقول تسعة، وتقول اثنتين وثلاثه وأربعة، وكذلك تستقبح من يقول أعط فلانًا أربعة ستة ثمانية ولا يقول: ثمانية عشر».

وأما ما أحتجوا به من أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - اجتمع في عصمته تسع نسوة فلا حجة فيه، لأن هذا من خصائصه (٥) - صلى الله عليه وسلم -. فقد خصه الله تعالى بذلك، ومنعه من الزواج عليهن أو


(١) انظر «أحكام القرآن» لابن العربي ١/ ٣١٣، «الجامع لأحكام القرآن» ٥/ ١٧.
(٢) انظر «الوسيط» ٢/ ٨، «الجامع لأحكام القرآن» ٥/ ١٧.
(٣) في «تفسيره» ٥/ ١٧.
(٤) في «تفسيره» ٥/ ١٧.
(٥) انظر «معالم التنزيل» ١/ ٣٩١، «أحكام القرآن» لابن العربي١/ ٣١٢، ٤/ ٢١٢.

<<  <   >  >>