للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن يتبدل بهن، فقصره على العدد تسع وعلى المعدود وهن هؤلاء الزوجات، قال تعالى: {لَّا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنّ} (١)، بينما الأمة قصرت على العدد وهو أربع، ولم تقتصر في المعدود فللرجل أن ينكح ما طاب له من النساء، وله أن يستبدل منهن ما شاء. كما حرم الله الزواج بزوجاته - صلى الله عليه وسلم - بعده، قال تعالى: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا} (٢)، كما أباح له أن يتزوج بهبة، كما قال تعالى: {وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} (٣).

قال ابن كثير (٤): «وقد يتمسك بعضهم بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في جمعه بين أكثر من أربع إلى تسع، كما ثبت في الصحيحين، وإما إحدى عشرة كما جاء في بعض ألفاظ البخاري، وقد علقه البخاري. وقد روينا عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوج بخمس عشرة امرأة، ودخل منهن بثلاث عشرة، واجتمع عنده إحدى عشرة، ومات عن تسع، وهذا عند العلماء من خصائص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دون غيره من الأمة، لما سنذكره من الأحاديث الدالة على الحصر في أربع» ثم ساق رحمه الله حديث غيلان وغيره.

وأيضاً فزواجه - صلى الله عليه وسلم - بهن لحكم دينية وسياسية واجتماعية (٥).

وأيضًا فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوَّاة الله على العدل بين أكثر من أربع على القول بوجوب القسم عليه، كما هو المشهور، بينما الذي يطيقه عامة الناس من العدل ينتهي غالبًا إلى أربع.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله (٦) -: «فالعدل الذي يطيقه عامة الناس


(١) سورة الأحزاب، آية: ٥٢.
(٢) سورة الأحزاب، آية: ٥٣.
(٣) سورة الأحزاب، آية: ٥٠.
(٤) في «تفسيره» ٢/ ١٨٢.
(٥) سيأتي قريبًا ذكرها بشيء من التفصيل.
(٦) في «مجموع الفتاوى» ٣٢/ ٧١.

<<  <   >  >>