للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أبي سلمة؟ فرق لها النبي - صلى الله عليه وسلم - وتزوجها (١). وكانت امرأة فاضلة عرفت يوم الحديبية بجودة رأيها، وذلك حين أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بالتحلل لما منعهم المشركون من دخول الحرم فامتنع الصحابة فدخل عليها - صلى الله عليه وسلم - مغضباً، فقالت: احلق واخرج إليهم. فحلق وخرج إليهم فتسارعوا إلى الحلق والتحلل (٢).

ومن حكمة زواجه بصفية بنت حيي بن أخطب سيد بني النضير، وقد قتل أبوها مع بني قريظة، وقتل زوجها يوم خيبر، فقال الصحابة يا رسول الله إنها سيدة بني قريظة والنضير. فاستحسن - صلى الله عليه وسلم - رأيهم، وهو الذي ينزل الناس منازلهم، وأعتقها وتزوجها، وحعل عتقها صداقها.

ولعل من حكمة زواجه - صلى الله عليه وسلم - بميمونة بنت الحارث الهلالية، تشعب قرابتها في بني هاشم وبني مخزوم، فهي خالة عبد الله بن عباس وخالد بن الوليد. وكان زوجها الثاني أبورهم بن عبد العزى قد توفي فجعلت أمرها للعباس فزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٣).

قال محمد رشيد رضا (٤) - بعد تفصيل الحكمه في تعدد زوجاته - صلى الله عليه وسلم -: «وجملة الحكمة في الجواب أنه - صلى الله عليه وسلم - راعى المصلحة في اختيار كل زوج من أزواجه عليهن الرضوان في التشريع والتأديب، فجذب إليه كبار القبائل بمصاهرتهم، وعلم أتباعه احترام النساء، وإكرام كرائمهن، والعدل بينهن، وقررالأحكام بذلك وترك من بعده تسع أمهات للمؤمنين يعلمن نساءهم من الأحكام ما يليق بهن مما ينبغي أن يتعلمنه


(١) أخرجه مسلم في الجنائز ٩١٨، وأبو داود في الجنائز ٣١١٩، والنسائي في الجنائز ١٨٢٥، والترمذي في الجنائز٩٧٧، وابن ماجه في الجنائز١٤٤٧، ومالك في الجنائز ٥٥٨، من حديث أم سلمة رضي الله عنها.
(٢) أخرجه البخاري في الشروط٢٧٣١، وابن اسحاق في السيرة النبوية ٣/ ٣٢١، وعبد الرازق في المصنف ٥/ ٣٢٣ حديث٩٧٢٠، والطبري في «جامع البيان» ٢٦/ ٩٧ من حديث مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة رضي الله عنهما.
(٣) انظر «تفسير المنار» ٤/ ٣٧١ - ٣٧٣.
(٤) في «تفسير المنار» ٤/ ٣٧٣.

<<  <   >  >>