للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله - صلى الله عليه وسلم - لأبي ذر: «يا أبا ذر إني أراك ضعيفاً وإني أحب لك ما أحب لنفسي، ولا تأمَّرن على اثنين، ولا تتولين مال يتيم» (١).

والصحيح القول الأول، وأنه يجوز للولي إذا كان فقيراً الأكل من مال اليتيم بالمعروف. أي أكل أمثاله من الفقراء، والآية نص صريح في هذا مع حديث عمرو بن شعيب، ولأنه جرى مجرى أجرة علمه في هذا المال (٢).

قال القرطبي (٣): «والدليل على صحة هذا القول: إجماع الأمة على أن الإمام الناظر للمسلمين لا يجب عليه غرم ما أكل بالمعروف، لأن الله قد فرض سهمه في مال الله، فلا حجة لهم في قول عمر: فإذا أيسرت قضيت».

وأيضاً فإن القول بوجوب الرد إذا أيسر خلاف ما دلت عليه الآية الكريمة من إباحة الأكل في هذه الحال، وهو ينافي الإباحة، والمباح لا ينقلب حراماً، ويلزم على القول بوجوب الرد أن كون الأكل حراماً لا مباحاً.

وأي فائدة في إباحة الأكل من مال اليتيم إذا جعلنا ذلك بمثابة القرض. فليقترض من مال غير اليتيم.

أما القول الثالث: أنه لا يجوز للولي الأكل مطلقاً من مال اليتيم حتى ولو كان الولي فقيراً. فهو ضعيف. إذ لا دليل عليه سوى العمومات التي استدلوا بها، وهذه العمومات مخصوصة بحال الولي الفقير، فإن له أن يأكل بالمعروف، كما دلت عليه الآية والحديث.

وإذا كان الصحيح من أقوال أهل العلم أن للولي الفقير أن يأكل من مال اليتيم


(١) أخرجه مسلم في الإمارة - الحديث١٨٢٦.
(٢) انظر «أحكام القرآن» لابن العربي ١/ ٣٢٥ - ٣٢٦، «تفسير ابن كثير» ٢/ ١٨٩.
(٣) في «الجامع لأحكام القرآن» ٥/ ٤١ - ٤٢.

<<  <   >  >>