للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الفراء (١): «كل لام أمر إذا استؤنفت، ولم يكن قبلها واو ولا فاء ولا ثم كسرت، فإذا كان معها شيء من هذه الحروف سكنت».

أما لام التعليل، وهي لام «كي» فهي مكسورة دائماً، كما في قوله تعالى: {لِيَكْفُرُوا بِمَا ءاتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا} (٢)، وقوله تعالى: {وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ} (٣)، ولو سكنت لام التعليل لاختلف المعنى. والفعل «يخش» مجزوم بلام الأمر، وعلامة جزمة حذف الألف (٤)، أصله «يخشى» و «الذين» اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل «يخشى» ومفعول «يخشى» محذوف.

والخطاب في قوله {وليخش} والأفعال المعطوفة عليه للناس جميعاً، ويدخل تحته من باب أولى الأوصياء والأولياء على اليتامى، ومن يحضر الميت حال احتضاره، ومن يتولون قسمة الميراث، وغيرهم (٥).

والخشية بمعنى الخوف، بل هي أخص من الخوف.

قال ابن فارس (٦): «الخاء والشين والياء تدل على خوف وذعر».

والخشية لا تكون غالباً إلا مع العلم، ومع عظم المخشي قال تعالى: {إنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} (٧).

قال الراغب (٨):

«الخشية خوف يشوبه تعظيم، وأكثر ما يكون ذلك عن علم بما


(١) انظر «معاني القرآن» للفراء ١/ ٢٨٤.
(٢) سورة العنكبوت، آية:٦٦.
(٣) سورة الروم، لآية:٤٦.
(٤) انظر «الجامع لأحكام القرآن» ٥/ ٥١.
(٥) انظر «جامع البيان» ٨/ ١٩ - ٢٥، «النكت والعيون» ١/ ٣٦٧، «أحكام القرآن» للهراسي ١/ ٣٣٥ - ٣٣٦، «معالم التنزيل» ١/ ٣٩٨، «أحكام القرآن» لابن العربي١/ ٣٣٠، «المحرر الوجيز» ٤/ ٣٠ - ٣١، «التفسير الكبير» ٩/ ١٦١ - ١٦٢، «الجامع لأحكام القرآن» ٥/ ٥١ - ٥٣، «تفسير ابن كثير» ٢/ ١٩٣.
(٦) في «مقاييس اللغة» ٢/ ١٨٤ مادة «خشي».
(٧) سورة فاطر، آية:٢٨.
(٨) في «المفردات في غريب القرآن» مادة «خشي».
قال في «تفسير المنار» ٤/ ٣٩٣ بعد أن ذكر قول الراغب: «وهذا القيد لا يظهر على كل الحروف التي وردت في القرآن وكلام العرب، فلم يكن عند عنترة خوف قوي بتعظيم ولا علم في قوله:
ولقد خشيت بأن أموت ولم تدر ... للحرب دائرة على ابني ضمضم

قال: والأقرب عندي: أن تكون الخشية هي الخوف في محل الأمل.

<<  <   >  >>