للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يخشى منه، ولذلك خص العلماء بها في قوله {إنما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}. وحذف مفعول «يخشى» ليكون أعم. والمعنى وليخش هؤلاء من ظلم اليتامى وأكل أموالهم، ومن الجور في الوصيه وظلم الورثة، ومن ترك الوصية للمساكين، ومن عدم إعطاء من حضر القسمة من ذوي القربى واليتامى والمساكين، أو ليخش هؤلاء العاقبة، أو ليخش الله (١). إن ظلموا اليتامى وأكلوا أموالهم. إلى غير ذلك، لأن المفعول إنما حذف ليذهب الفكر في تصوره كل مذهب.

قوله: {لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ}.

لو: أداة شرط غير جازمة، وهي حرف امتناع لا متناع (٢).

تركوا: فعل الشرط.

من خلفهم: أي بعد موتهم.

ذريه ضعافاً: «ذرية» مفعول تركوا. والذرية هم الأولاد من بنين وبنات، وأولاد البنين، وإن نزلوا دون أولاد البنات.

قال شيخنا (٣): «فإن قال قائل هذا القول ينتقص بعيسى ابن مريم، لأن الله تعالى جعله من ذرية إبراهيم وهو ابن بنت، فيقال في الجواب عن ذلك: إنه لا أب له، فأمه أبوه، ولهذا قال العلماء- رحمهم الله-: إن ولد الزنا أمه ترثه بالفرض والتعصيب، لأنها أم وأب، إذ لا أب له شرعاً.

قوله: {ضِعَافاً} قرأ حمزة وخلف في رواية {ضِعَافاً} بكسر العين قليلًا، أي: بالإمالة، وقرأ بقية العشرة بدون إمالة (٤)، وهي: صفة لـ «ذرية» أي لا يستطيعون


(١) انظر «تفسير المنار» ٤/ ٣٩٣.
(٢) انظر «البحر المحيط» ٣/ ١٧٧، «البرهان في علوم القرآن» ٤/ ٣٦٣ - ٣٧٣.
(٣) الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - في كلامه على هذه الآية في دروس التفسير.
(٤) انظر «المبسوط» ص ١٥٣، «الكشف عن وجوه القراءات» ١/ ٣٧٧، «العنوان» ص ٨٣، «النشر» ٢/ ٢٤٧.

<<  <   >  >>