للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوموا عني».

قال راوي القصة: «فلقد رأيت بعض ولده حمل على مائة فرس في سبيل الله يعني أعطاها لمن يغزوا عليها»، أي: أن الله أغناهم من فضله. قال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد ذكره لهذه القصة (١): «قلت: هذا وقد كان خليفة المسلمين من أقصى المشرق ببلاد الترك إلى أقصى المغرب بلاد الأندلس وغيرها، ومن جزائر قبرص وثغور الشام والعواصم كطرسوس ونحوها إلى أقصى اليمن، وإنما أخذ كل واحد من أولاده من تركته شيئاً يسيراً. يقال: أقل من عشرين درهماً قال: وحضرت بعض الخلفاء وقد اقتسم تركته بنوه، فأخذ كل واحد منهم ستمائة ألف دينار، ولقد رأيت بعضهم يتكفف الناس- أي: يسألهم بكفه».

قوله تعالى: {فَلْيَتَّقُوا اللهَ} معطوف على {وَلْيَخْشَ} توكيد للأمر بالخشية، لأن الخشية من التقوى.

أي: فليتقوا الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه وأداء ما يجب عليهم من حقوق لليتامى والمساكين والورثه وغيرهم من أصحاب الحقوق، وأن يحذروا من الجور والظلم.

قوله تعالى: {وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً} معطوف على ما سبق.

قولاً: مفعول مطلق، وبينه وبين «يقولوا» جناس اشتقاق.

سديدًا: صفة ل «قولًا».

والقول السديد: هو الصواب، العدل (٢)، الموافق للشرع، وللحكمة.

وسمِّي سديداً لأنه يسد مكانه، فيناسب الحال والمقام، لأن لكل حال ما يناسبها من القول، ولكل مقام مقال، ولكل شخص ما يناسبه. فأحياناً يكون


(١) انظر «السياسة الشرعية» ص١٥، «مجموع الفتاوى» ٢٨/ ٢٤٩ - ٢٥٠، وانظر «العقد الفريد» ٥/ ١٧٤ - ١٧٥، «سير أعلام النبلاء» ٥/ ١٤٠ - ١٤١.
(٢) انظر «جامع البيان» ٨/ ٢٦.

<<  <   >  >>