للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله (عليهم) متعلق بـ «خافوا».

والمعنى خافوا عليهم من الجور والظلم، وأن تؤكل أموالهم وتهضم حقوقهم وتساء معاملتهم وغير ذلك، وحذف مفعوا «خافوا» ليذهب الفكر في تصوره كل مذهب.

فكل من حضرته الوفاه وله أولاد صغار قد ترد عليه مثل هذه الخواطر، من التخوف على أولاده والتفكير في حالهم، ومن يتولاهم بعده، وبقدر إيمان العبد وإستقامته تقل هذه المخاوف. قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أولِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْأَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ} (١)، أي لا تخافوا مما أمامكم ولا تحزنوا على على ما خلفتم (٢).

وقال تعالى: {أَلَا إِنَّ أولِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفُ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْأَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (٣).

وقد ذكر أهل العلم أن عمر بن عبد العزيز - رحمه الله- حين قالوا له: يا أمير المؤمنين أفغرت أفواه بنيك من هذا المال وتركته فقراء، لا شيء لهم. وكان في مرض موته، فقال: أدخلوا عليَّ. فأدخلوهم، وهم بضعه عشر ذكراً، ليس فيهم بالغ. فلما رآهم ذرفت عيناه، ثم قال: يا بنَّي والله ما منعتكم حقًّا هو لكم، ولم أكن بالذي آخذ أموال الناس فأدفعها إليكم، وإنما أنتم أحد رجلين: إما صالح: فالله يتولى الصالحين (٤)، وإما غير صالح، فلا أخلف له ما يستعين به على معصية الله،


(١) سورة فصلت، الآيات: ٣٠ - ٣٢.
(٢) انظر «تفسير ابن كثير» ٤/ ٩٩ - الطبعة الحلبية.
(٣) سورة يونس، الآيات: ٦٢ - ٦٤.
(٤) أخذاً من قوله تعالى: {إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ} سورة الأعراف الآية (١٩٦).

<<  <   >  >>