للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعلم أنه اختلف المذهب في أجل السلم على ستة أقوال:

أحدهما: مقدار ما تتغير فيه الأسواق دون تحديد قاله مالك، وقيل: حده خمسة عشرة يومًا قاله ابن القاسم، وهو الذي عول عليه الشيخ في قوله أحب ولفظة أحب على الوجوب، وهذان القولان في المدونة قال فيها ولا يجوز للرجل أن يبيع ما ليس عنده إلا أن يكون على وجه السلف مضمونا عليه إلى أجل معلوم تتغير فيه الأسواق ولم يحد مالك فيه حدا، وإن الخمسة عشر يومًا في البلد الواحد.

قلت: وكان بعض أشياخي من القرويين يرد قول مالك إلى قول ابن القاسم ويري أنه قصد به التفسير وهو ظاهر كلام ابن الحاجب لكونه لم يذكر قول مالك.

والصواب عندي حمله على الخلاف وهو اختيار ابن عبد السلام، وقيل: يجوز إلى يوم قاله ابن عبد الحكم، ورواه، وقيل: إلى اليومين قاله ابن وهب، وقيل: يجوز إلى خمسة أيام على ظاهر سماع عيسي بن القاسم في العتبية.

وقيل: يجوز إلى شهر لا أقل نقله المازري عن بعض الشافعية عن مالك، واستبعده وجمهور المذهب لم يحك خلافًا في منع السلم الحال ونقل ابن رشد عن سماع يحيى أن ذلك جائز، وذكره عياض في كتاب المرابحة عن مالك وعزاه المتيطي لرواية أبي تمام، ولم يحكه التونسي إلا بالتخريج من رواية ابن عبد الحكم بجوازه إلى يومين وعبد الوهاب من روايته إلى يوم وضعف بأن فيهما مطلق الأجل وأخذه غير واحد من قول المدونة في المرابحة يجوز البيع مرابحة والثمن عوض وأخذه بعضهم من الشفعة والثمن، وكذلك قال بعض شيوخنا والأخذ الأول أظهر بأن بيع المرابحة بيع اتفاقًا، والأخذ بالشفعة يشبه الاستحقاق وفي شراء الغائب من المدونة من له عرض دين فباعه من رجل بدنانير أو دراهم فوجد فيها نحاسًا أو رصاصًا فله بدله والرضا به والبيع في ذلك تام فظاهره.

وإن أحل وهو نفس السلم الحال قال: وأصرح منه قول هباتها وكل دين لك من عرض أو عين فلك بيعه من غير غريمك قبل محله وبعده بثمن معجل وظاهر كلام الشيخ إذا اشترط قبضه ببلدة أخري إنه لا يشترط تسمية الأجل ولا الخروج عاجلا، وهو كذلك نص عليه في الموازية.

وقال ابن أبي زمنين: يشترط أحدهما، واختاره ابن يونس ومراد الشيخ بالبلد إذا كانت بعيدة بحيث يكون تغيير الأسواق فيها لبعدها غالبا.

<<  <  ج: ص:  >  >>