للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ومن أسلم إلى ثلاثة أيام يقبضه ببلد أسلم فيه فقد أجازه غير واحد من العلماء وكرهه آخرون):

يعني: أنها إذا وقع السلم إلى ثلاثة أيام فاختلف فيه هل يمضي أم لا إلا أن في كلامه مسامحة وهو قوله أجازه، وكرهه، وأراد إمضاءه غير واحد وفسخه آخرون وعزا ابن يونس عدم الفسخ لأصبغ قائلاً: لأنه ليس بحرام ولا مكروه بين، وعزا الفسخ لمحمد قائلاً: أحب إلينا وعزاه غير واحد لأصبغ أيضًا، وهو ظاهر المدونة عند ابن رشد إلا أن ابن يونس صور المسألة فيما إذا وقع السلم إلى يومين وكلام الشيخ يقضي أن اليومين لا خلاف أنه يفسخ فيهما إلا أن يقال ما قارب الشيء له حكمه.

وقال الفاكهاني رحمه الله تعالى: روايته في هذا الموضع يقبضه بالمضارع وفي بعض النسخ فقبضه ماض، ويختلف المعنى لاختلاف الروايتين فعلى المضارع يكون المعني أنهما دخلا على ذلك وعلى الماضي يكون الأمر مبهما.

(ولا يجوز أن يكون رأس المال من جنس ما أسلم فيه):

اعلم أنه إذا أسلم الشيء في جنسه لا يخلو من ثلاثة أوجه:

الأول: إذا أسلمه في أزيد منه فهو سلف جر منفعة وهو لا يجوز.

قال ابن عبد السلام: وهذا بين على مذهبنا في اعتبار سد الذرائع، وأما من لم يعتبرها من أهل العلم فيجيزون التفاضل في العروض والحيوان نقدا أو إلى أجل، وفي الحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وقال: أمرني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن أجهز له جيشا فأمرني أن آخذ بشاتين وأمرني أن آخذ بعيرا ببعيرين.

الثاني: سلم الشيء في أقل منه فلا يجوز أيضًا؛ لأنه ضمان بجعل كبعيرين في بعير إلى أجل أو ثوبين في ثوب من جنسهما إلى أجل؛ لأن أحد الثوبين المعجلين عوض عن المؤجل. وهو الثوب الثاني عن ضمان المؤجل، وذلك عوض عن المعروف وذلك لا يجوز بناء على اعتبار سد الذرائع.

الثالث: إذا أسلم الشيء في مثله صفة ومقداراً ففي ذلك قولان منعه في كتاب ابن المواز مطلقاً: وفي المدونة إن ابتغيت به نفع نفسك منه، وإن ابتغيب به نفع الذي أسلمت إليه جاز ولو أسلم رديئا في جيد أو العكس فإنه لا يجوز قاله في المدونة؛ لأنه ضمان يجعل وسلف وجر منفعة وفي المدونة يجوز سلم فرسين سابقين في فرسين ليسا مثلهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>