للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحديث: «اعقدن بالأصابع فإنهن مسؤولات مستنطقات» (١) وربما عقد أحدهم التسبيح بحصى أو نوى.

والتسبيح بالمسابح من الناس من كرهه، ومنهم من رخص فيه؛ لكن لم يقل أحد: إن التسبيح به أفضل من التسبيح بالأصابع وغيرها، وإذا كان هذا مستحبًا يظهر، فقصد إظهار ذلك والتميز به على الناس مذموم، فإنه إن لم يكن رياء فهو تشبه بأهل الرياء، إذ كثير ممن يصنع هذا يظهر منه الرياء، ولو كان رياء بأمر مشروع لكانت إحدى المصيبتين؛ لكنه رياء ليس مشروعًا. اهـ.

وقال - رحمه الله -: (٢) وعد التسبيح بالأصابع سنة كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - للنساء: سبحن واعقدن بالأصابع، فإنهن مسؤولات مستنطقات، وأما عده بالنوى والحصى ونحو ذلك فحسن، وكان من الصحابة رضى الله عنهم من يفعل ذلك، وقد رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - أم المؤمنين تسبح بالحصى، وأقرها على ذلك وروى أن أبا هريرة - رضي الله عنه - كان يسبح به. وأما التسبيح بما يجعل في نظام من الخرز ونحوه، فمن الناس من كرهه، ومنهم من لم يكرهه، وإذا أحسنت فيه النية فهو حسن غير مكروه، وأما اتخاذه من غير حاجة أو إظهاره للناس، مثل تعليقه في العنق، أو جعله كالسوار في اليد، أو نحو ذلك، فهذا إما رياء للناس، أو مظنة المراءاة، ومشابهة المرائين من غير حاجة، الأول محرم، والثاني أقل أحواله الكراهة، فإن مراءاة الناس في العبادات المختصة؛ كالصلاة والصيام


(١) أخرجه أحمد (رقم: ٢٧١٣٤) وأبو داود (رقم: ١٥٠١) والترمذي (رقم: ٣٥٨٣) وقال: غريب. والطبراني (رقم: ١٨٠) وعبد بن حميد (رقم: ١٥٧٠).
(٢) مجموع الفتاوي لابن تيمية (٢٢/ ٥٠٦).

<<  <   >  >>