الذكر سبب لشرح الصدور وشفاء أسقام الأرواح والأجساد، فما استشفى بمثل كلام الله وذكره وما استدفعت الأسقام بمثل ذلك، قال الله جل وعلا: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (٥٧) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: ٥٧، ٥٨]. وقد فسر فضله بالإسلام، ورحمته بالقرآن. كذا قال جمهرة من المفسرين.
قال ابن كثير في تفسيره:(١) يقول تعالى ممتنا على خلقه بما أنزل إليهم من القرآن العظيم على رسوله الكريم: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} أي: زاجر عن الفواحش، {وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ} أي: من الشبه والشكوك، وهو إزالة ما فيها من رجس ودنس، {وَهُدًى وَرَحْمَةٌ} أي: محصل لها الهداية والرحمة من الله تعالى. وإنما ذلك للمؤمنين به والمصدقين الموقنين بما فيه؛ كما قال تعالى:{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا}[الإسراء: ٨٢]. وَقالَ تَعَالَى: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ