يتأكد ذكر الله بإطلاق في كل مجلس، أو ممشى أو مضطجع، وقد يقال بالوجوب، فإن الذكر من أجل الطاعات، وأعظم القربات، والإعراض عنه سبيل المحرومين، ومن احتوشتهم الشياطين، والنصوص في الأمر به وافرة وفي التأكيد عليه متكاثرة.
قال القرطبي في تفسيره: قوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ}[آل عمران: ٤١]. أمره بألا يترك، الذكر في نفسه مع اعتقال لسانه، على القول الأول. وقد مضى في البقرة معنى الذكر. وقال محمد ابن كعب القرظي: لو رخص لأحد في ترك الذكر لرخص لزكريا بقول الله - عز وجل -: {أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا}[آل عمران: ٤١]. ولرخص للرجل يكون في الحرب بقول الله - عز وجل -: {إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا}[الأنفال: ٤٥].
وقال ابن كثير في تفسيره: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (٤١) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٤٢) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (٤٣) تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا}.