ولم يذكر ذلك أحد من سلف الأمة، ولا شرع ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا يعطي القلب بنفسه معرفة مفيدة، ولا حالًا نافعا، وإنما يعطيه تصورًا مطلقًا، ولا يحكم عليه بنفي ولا إثبات، فإن لم يقترن به من معرفة القلب، وحاله ما يفيد بنفسه، وإلا لم يكن فيه فائدة، والشريعة إنما تشرع من الأذكار ما يفيد بنفسه، لا ما تكون الفائدة حاصلة بغيره.
وقد وقع بعض من واظب على هذا الذكر في فنون من الإلحاد، وأنواع من الاتحاد كما قد بسط في غير هذا الموضوع.
وما يذكر عن بعض الشيوخ من أنه قال: أخاف أن أموت بين النفي والإثبات، حال لا يقتدى فيها بصاحبها، فإن في ذلك من الغلط ما لا خفاء به، إذ لو مات العبد في هذه الحال لم يمت إلا على ما قصده ونواه، إذ الأعمال بالنيات، وقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر يتلقين الميت: لا إله إلا الله.
وقال:«من كان آخر كلامه: لا إله إلا الله دخل الجنة»(١) ولو كان ما ذكره محذورًا لم يلقن الميت كلمة يخاف أن يموت في أثنائهًا موتًا غير محمود، بل كان يلقن ما اختاره من ذكر الاسم المفرد.
والذكر بالاسم المضمر المفرد أبعد عن السنة، وأدخل في البدعة وأقرب إلى ضلال الشيطان، فإن من قال: يا هو يا هو أو هو هو، ونحو ذلك لم يكن الضمير عائدًا إلا إلى ما يصوره قلبه، والقلب قد يهتدي وقد يضل.
وقد صنف صاحب «الفصوص» كتابا سماه كتاب «الهو» وزعم
(١) أخرجه أحمد (رقم: ٢٢١٨٠) وأبو داود (رقم: ٢٩٤٥) والطبراني (رقم: ٧٢٧)، والحاكم (رقم: ١٢٩٩) وقال: صحيح الإسناد.