يكن في هذا دعوة وحث عليها وترغيب فيها، بل كان في ذلك دعوة لتركها والترغيب عنها.
ثانيًا: ما قدر أنهم لم يتكلموا على أسانيدها وحالها من الضعف والوهن فقد أبانوا عن عورها بذكر أسانيدها وهذا مذهب جمهرة من الأئمة والمصنفين كانوا يرون أنهم إذا ذكروا الإسناد برئوا من العهدة لظهور العلة وبيان سبب الاطراح فإن قيل فلمَ يروونها أصلًا؟
فالجواب: هي وقعت لهم في الطلب والأخذ، وهذا من الذب عن سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكانوا يرخصون في مثل هذا في باب الرواية لا في العمل؛ نعم كان الأولى البيان للضعيف، أو رواية الصحيح وما شابهه وتر، الضعيف.
وهذا ما فعله صاحبا الصحيح (البخاري ومسلم) رحمهما الله، فشكرت الأمة لهما هذا الصنيع، ومن لم يلتزم بهذا فله اجتهاده، وحاجة الفقيه للصحيح وما قاربه وما لم يشتد ضعفه معلومة، وهذا باب واسع ليس هذا محل بسطه والله المستعان.
بعد هذا كله هنا، فائدة مهمة بعد هذا التقرير، وهي أن في قول الذكر الضعيف بالشروط المتقدمة فائدة مهمة لطلبة العلم وحملته، وهي أن في هذا نوعًا من حفظ العلم، ولهذا من لا يذكر إلا الصحيح ويترك الضعيف مع طول الأمد ينسى الضعيف وسبب ضعفه، وهذا وإن كان لا يضره إلا أن من يعلم الصحيح ويعلم الضعيف، وسبب ضعفه أكمل علمًا وأقوى حجة وحفظًا، فكان فيما ذكرنا نوعًا من الإعانة على الحفظ والتذكر، والله الموفق.
أمثلة عليه: لم يثبت عند دخول المنزل من الأذكار سوى بسم الله، كما في حديث جابر الذي أخرجه مسلم وغيره من طريق ابن جري، قال أخبرني أبو الزبير، عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -، أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: