للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ثُمَّ ذَكَرَ المَثَلَ النَّارِيَّ فَقَالَ: ﴿وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ﴾ وَهُوَ الْخَبَثُ الَّذِي يَخْرُجُ عِنْدَ سَبْكِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالنُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ، فَتُخْرِجُهُ النَّارُ وَتُمَيِّزُهُ وَتَفْصِلُهُ عَنْ الْجَوْهَرِ الَّذِي يُنْتَفَعُ بِهِ فَيُرْمَى وَيُطْرَحُ وَيَذْهَبُ جُفَاءً؛ فَكَذَلِكَ الشَّهَوَاتُ وَالشُّبُهَاتُ يَرْمِيهَا قَلْبُ المُؤْمِنِ وَيَطْرَحُهَا وَيَجْفُوهَا كَمَا يَطْرَحُ السَّيْلُ وَالنَّارُ ذَلِكَ الزَّبَدَ وَالْغُثَاءَ وَالْخَبَثَ، وَيَسْتَقِرُّ فِي قَرَارِ الْوَادِي المَاءُ الصَّافِي الَّذِي يَسْتَقِي مِنْهُ النَّاسُ وَيَزْرَعُونَ وَيَسْقُونَ أَنْعَامَهُمْ، كَذَلِكَ يَسْتَقِرُّ فِي قَرَارِ الْقَلْبِ وجذره الْإِيمَانُ الْخَالِصُ الصَّافِي الَّذِي يَنْفَعُ صَاحِبَهُ وَيَنْتَفِعُ بِهِ غَيْرُهُ؛ وَمَنْ لَمْ


= والطبقة الثالثة: الأشقياء، لا رواية، ولا دراية، ولا رعاية، ﴿إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا﴾ فهم الذين يضيقون الديار، ويغلون الأسعار، إن همة أحدهم إلا بطنه وفرجه، فإن ترقت همته فوق ذلك كان همه مع ذلك في لباسه وزينته، فإن ترقت همته فوق ذلك كان همه فوق ذلك كان في داره وبستانه ومركوبه، فإن ترقت همته فوق ذلك كان همه في الرياسة والانتصار للنفس الكلبية، فإن ارتفعت همته عن نصرة النفس الكلبية، كان همه في نصرة النفس السبعية، وأما النفس الكلبية فلم يعطها أحد من هؤلاء.
فإن النفوس ثلاثة: كلبية، وسبعية، وملكية.
فالكلبية: تقنع بالعظم، والكسرة، والجيفة، والعذرة.
والسبعية: لا تقنع بذلك، بل بقهر النفوس، والاستعلاء عليها بالحق والباطل.
وأما الملكية: فقد ارتفعت عن ذلك، وشمرت إلى الرفيق الأعلى، فهمتها العلم والإيمان، ومحبة الله تعالى، والإنابة إليه، والطمأنينة به، والسكون إليه، وإيثار محبته ومرضاته، وإنما تأخذ من الدنيا ما تأخذه لتستعين به على الوصول إلى فاطرها وربها ووليها، لا لتنقطع به عنه.

<<  <   >  >>