قال: وقال قوم: المثل السوء الصفة السوء من احتياجهم إلى الولد وكراهتهم للإناث خوف العيلة والعار ﴿وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى﴾ الصفة العليا من تنزهه وبراءته عن الولد.
قال: وهذا قول صحيح. فالمثل كثيرًا ما يرد بمعنى الصفة. قاله جماعة من المتقدمين.
وقال ابن كيسان: مثل السوء ما ضرب الله للأصنام وعبدتها من الأمثال، والمثل الأعلى نحو قوله: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ﴾ [النور: ٣٥].
وقال ابن جرير: ﴿وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى﴾ [الروم: ٢٧]. نحو قوله: هو الأطيب والأفضل والأحسن والأجمل، وذلك التوحيد والإذعان له بأنه لا إله غيره.
قلت: المثل الأعلى يتضمن الصفة العليا وعلم العالمين بها ووجودها العلمي والخبر عنها وذكرها وعبادة الرب سبحانه بواسطة العلم والمعرفة القائمة بقلوب عابديه وذاكريه فهاهنا أربعة أمور:
الأول: ثبوت الصفات العليا لله سبحانه في نفس الأمر علمها العباد أو جهلوها وهذا معنى قول من فسره بالصفة.
الثاني: وجودها في العلم والتصور وهذا معنى قول من قال من السلف والخلف: إنه ما في قلوب عابديه وذاكريه من معرفته وذكره ومحبته وإجلاله وتعظيمه، وهذا الذي في قلوبهم من المثل الأعلى لا يشترك فيه غيره معه، بل يختص به في قلوبهم كما اختص في ذاته.
وهذا معنى قول من قال من المفسرين: أهل السماء يعظمونه ويحبونه ويعبدونه، وأهل الأرض يعظمونه ويجلونه وإن أشرك به من أشرك وعصاه من عصاه، وجحد صفاته من جحدها، فكل أهل الأرض معظمون له مجلون له