فنهاهم أن يضربوا له مثلًا من خلقه، ولم ينههم أن يضربوه هو مثلًا لخلقه؛ فإن هذا لم يقله أحد، ولم يكونوا يفعلونه؛ فإن الله سبحانه أجل وأعظم وأكبر من كل شيء في فطر الناس كلهم، ولكن المشبهون المشركون يغلون فيمن يعظمونه فيشبهونهم بالخالق، والله ﷾ أجل في صدور جميع الخلق من أن يجعلوا غيره أصلا ثم يشبهونه سبحانه بغيره فالذي يشبهه بغيره إن قصد تعظيمه لم يكن في هذا تعظيم؛ لأنه مثل أعظم العظماء بما هو دونه، بل بما ليس بينه وبينه نسبة وشبه في العظمة والجلالة، وعاقل لا يفعل هذا.
وإن قصد التنقيص شبهه بالناقصين المذمومين لا بالكاملين الممدوحين.
ومن هنا يعلم أن إثبات صفات الكمال له لا يتضمن التشبيه والتمثيل لا بالكاملين ولا بالناقصين، وأن نفي تلك الصفات يستلزم تشبيهه بأنقص الناقصين.
فانظر إلى الجهمية وأتباعهم جاءوا إلى التشبيه المذموم فأعرضوا عنه صفحًا وجاءوا إلى الكمال والمدح فجعلوه تشبيهًا وتمثيلًا عكس ما يثبته القرآن وجاء به من كل وجه (١).