للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فإذا أبطلتم هذا المعنى الصحيح تعين ذلك المعنى الباطل قطعًا وصار المعنى أنه لا يوصف بصفة أصلا ولا يفعل فعلا ولا له وجه ولا يد ولا يسمع ولا يبصر ولا يعلم ولا يقدر تحقيقا لمعنى ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ وقال إخوانكم من الملاحدة: ليس له ذات أصلا تحقيقا لهذا النفي، وقال غلاتهم: ولا وجود له تحقيقا لهذا النفي، وأما الرسل وأتباعهم فقالوا: إنه حي وله حياة و ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ في حياته وهو قوي وله القوة وليس مثله شيء في قوته وهو سميع بصير له السمع والبصر يسمع ويبصر وليس كمثله شيء في سمعه وبصره ومتكلم ومكلم وليس كمثله شيء في كلامه وتكليمه وله وجه ويدان، و ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ وهو مستو على عرشه، وليس كمثله شيء وهذا النفي لا يتحقق إلا بإثبات صفات الكمال، فإنه مدح له، وثناء أثنى به على نفسه والعدم المحض لا يمدح به أحد ولا يثني به عليه ولا يكون كمالا له بل هو أنقص النقص، وإنما يكون كمالا إذا تضمن الإثبات كقوله تعالى: ﴿لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ﴾ [البقرة: ٢٥٥] لكمال حياته وقيوميته.

وقوله: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ [البقرة: ٢٥٥] لكمال غناه وملكه وربوبيته.

وقوله: ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ [فصلت: ٤٦]، ﴿وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾ [الكهف: ٤٩]، ﴿وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ﴾ [غافر: ٣١] لكمال عدله وغناه ورحمته.

وقوله: ﴿وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ﴾ [ق: ٣٨] لكمال قدرته.

وقوله: ﴿وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ﴾ [يونس: ٦١]، ﴿وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ﴾ [إبراهيم: ٣٨].

<<  <   >  >>