للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

إليه ومتوقف في تحقيقه عليه والكمال وجود كله والعدم نقص كله فإن العدم كاسمه لا شيء فعاد النفي الصحيح إلى نفي النقائص والعيوب ونفي المماثلة في الكمال، وعاد الأمران إلى نفي النقص وحقيقة ذلك نفي العدم وما يستلزم العدم فتأمل، هل نفى القرآن والسنة عنه سبحانه سوى ذلك وتأمل هل ينفي العقل الصحيح الذي لم يفسد بشبه هؤلاء الضلال الحيارى غير ذلك فالرسل جاءوا بإثبات ما يضاده، وهو سبحانه أخبر، أنه لم يكن له كفوا أحد بعد وصفه نفسه بأنه الصمد والصمد السيد الذي كمل في سؤدده، ولهذا كانت العرب تسمي أشرافها بهذا الاسم، لكثرة الصفات المحمودة في المسمى به قال شاعرهم:

ألا بَكرَ الناعي بخيري (١) بني أسدْ … بعمرِو بن مسعودٍ وبالسيّد الصَّمَدْ (٢)

فإن الصمد من تصمد نحوه القلوب بالرغبة والرهبة، وذلك لكثرة خصال الخير فيه وكثرة الأوصاف الحميدة له ولهذا قال جمهور السلف منهم عبد الله بن عباس: (٣) «الصمد السيد الذي كمل سؤدده، فهو العالم الذي كمل علمه القادر الذي كملت قدرته الحكيم الذي كمل حكمه الرحيم الذي كملت رحمته الجواد الذي كمل جوده، ومن قال: «إنه الذي لا جوف له» (٤) فقوله لا يناقض هذا التفسير، فإن اللفظ من الاجتماع، فهو الذي اجتمعت فيه صفات الكمال ولا جوف له، فإنما لم يكن أحدٌ كفوا له لما كان صمدا كاملا في صمديته فلو لم تكن صفات كمال ونعوت جلال ولم يكن له علم ولا قدرة ولا حياة ولا إرادة


(١) وفي رواية «بخيري».
(٢) انظر: «الأغاني» للأصفهاني (٢٢/ ٩٦).
(٣) أخرجه الطبري من طريقي علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ولم يسمع منه. وعن عطية العوفي وهو ضعيف.
(٤) صح عن الحسن ومجاهد: أخرجه الطبري.

<<  <   >  >>