للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ومعلوم أن هذا الثناء الذي أخبر أنه لا يحصيه، لو كان بالنفي لكان هؤلاء أعلم به منه وأشد إحصاء له، فإنهم نفوا عنه حقائق الأسماء والصفات نفيًا مفصلًا وذلك مما يحصيه المحصي بلا كلفة ولا تعب، وقد فصله النفاة وأحصوه وحصروه.

الوجه الثاني والسبعون (١)

أن الله سبحانه إنما نفى عن نفسه ما يناقض الإثبات، ويضاد ثبوت الصفات، والأفعال فلم ينف إلا أمرا عدميا أو ما يستلزم العدم فنفى السنة والنوم المستلزم لعدم كمال الحياة والقيومية ونفى العزوب والخفاء المستلزم لنفي كمال العلم.

ونفي اللغوب المستلزم نفي كمال القدرة ونفي الظلم المستلزم لنفي كمال الغنى والعدل ونفي العبث المستلزم لنفي كمال الحكمة والعلم ونفي الصاحبة والولد المستلزمين لعدم كمال الغنى وكذلك نفي الشريك والظهير والشفيع المقدم بالشفاعة المستلزم لعدم كمال الغنى والقهر والملك ونفي الشبيه والمثيل والكفؤ المستلزم لعدم التفرد بالكمال المطلق.

ونفي إدراك الأبصار له وإحاطة العلم به المستلزمين لعدم كمال عظمته وكبريائه وسعته وإحاطته وكذلك نفي الحاجة والأكل والشرب عنه سبحانه لاستلزام ذلك عدم غناه الكامل وإذا كان إنما نفى عن نفسه العدم أو ما يستلزم العدم علم أنه أحق بكل وجود وثبوت وكل أمر وجودي لا يستلزم عدمًا ولا نقصًا ولا عيبًا وهذا هو الذي دل عليه صريح العقل فإنه سبحانه له الوجود الدائم القديم الواجب لنفسه الذي لم يستفده من غيره ووجود كل موجود مفتقر


(١) أي: في الرد على المعطلة.

<<  <   >  >>