• وقال الزمخشري (١): لقائل أن يقول: شبه دين الإسلام بالصيب لأن القلوب تحيا به حياة الأرض بالمطر، وما يتعلق به من تشبه الكفار بالظلمات. وما فيه من الوعد والوعيد بالرعد والبرق. وما يصيب الكفرة من الإقراع من البلايا والفتن من جهة أهل الإسلام بالصواعق.
والمعنى: أو كمثل ذوي صيب، والمراد: كمثل قوم أخذتهم السماء على هذه الصفة فلقوا منها ما لقوا.
قال: والصحيح الذي عليه علماء أهل البيان لا يتخطونه: إن التمثلين جميعًا من جهة التمثلات المركبة دون المفرقة لا يتكلف لواحد واحد شيء يقدر شبهه به. وهذا القول الفحل والمذهب الجزل بيانه أن العرب تأخذ أشياء فرادى معزولا بعضها من بعض لم تأخذ هذا بحجزة ذاك فتشبهها بنظائرها كما جاء في القرآن حيث شبه كيفية حاصلة من مجموع أشياء قد تضامت وتلاصقت حتى عادت شيئًا واحدًا بأخرى مثلها، كقوله ﷾ ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا … الآية﴾ [الجمعة: ٥].
الغرض تشبيه حال اليهود في جهلها بما معها من التوراة وآياتها الباهرة بحال الحمار في جهله بما يحمل من أسفار الحكمة؛ وتساوي الحالتين عنده من حمل أسفار الحكمة وحمل ما سواها من الأوقار ولا يشعر من ذلك إلا بما يمر بدفيه من
(١) «الكشاف» (١/ ٨٦). قال الذهبي في «السير» (٢٠/ ١٥١): العلامة، كبير المعتزلة، أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد الزمخشري الخوارزمي النحوي، صاحب «الكشاف» و «المفصل»، وكان داعية إلى الاعتزال، الله يسامحه.