هذا هو جانب المعجم في تراثنا اللغوي ... فإذا جئنا إلى الدراسة الخاصة بنظام الجملة، ووظائف الكلمات في داخل الجمل، وجدنا تراثا ضخما تباهي به الأمة العربية سائر الأمم في هذا المضمار. وقد وصل إلينا أول كتاب في هذا المجال كاملا يبهر النفوس، ويستحوذ على القلوب، ويبعث على الإعجاب بعقلية مبدعه، وتفكير منشئه، وهو كتاب سيبويه النحوي البصري المشهور "المتوفى سنة ١٨٠هـ" وتوالت المؤلفات العربية في هذا الميدان بعد سيبويه، ومن أهم هذه المؤلفات: كتاب "المقتضب" لأبي العباس المبرد "المتوفى سنة ٢٨٥هـ"، و"أصول النحو" لابن السراج "المتوفى سنة ٣١٦هـ"، و"الجمل" للزجاجي "المتوفى سنة ٣٤٠هـ"، و"المفصل" للزمخشري "المتوفى سنة ٥٣٨هـ"، و"الإنصاف" لأبي البركات ابن الأنباري "المتوفى سنة ٥٧٧هـ" و"شرح المفصل" لابن يعيش "المتوفى سنة ٦٤٣هـ"، و"الألفية" المشهورة، لابن مالك "المتوفى سنة ٦٧٢هـ"، وكتب العلامة المصري "ابن هشام""المتوفى سنة ٧٦١هـ" كشذور الذهب، وقطر الندى، وأوضح المسالك، ومغني اللبيب عن كتب الأعاريب، وشرح الأشموني "المتوفى سنة ٨٧٢هـ " على ألفية ابن مالك، و"همع الهوامع" لجلال الدين السيوطي "المتوفى سنة ٩١١هـ" وغير ذلك كثير كثير ...
وإن من يتصفح هذه المؤلفات الكثيرة، يعجب من الجهد المبذول فيها حقا، غير أنه يضل وسط الآراء الجدلية النظرية، التي لا تفيد كثيرا في الدرس النحوي، والابتعاد عن الواقع اللغوي إلى الافتراض. وانظر معي إلى قول الزجاج مثلا: "والمازني يجيز في: يا أيها الرجلُ، النصب في الرجل. ولم يقل بهذا القول أحد من البصريين غيره، وهو قياس؛ لأن موضع المفرد.