للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للدار، فعل ذلك للعلة، التي ذكرها هذا الذي دخل الدار، وجائز أن يكون فعله لغير تلك العلة ... فإن سنح لغيري علة لما عللته من النحو، هي أليق مما ذكرته بالمعلول فليأت بها"١.

ومن الأمور التي تلفت النظر، في تراثنا النحوي الضخم، خلوه في بعض الأحيان من الاستقراء الكامل، لبعض صور الظاهرة الواحدة، من الظواهر النحوية. ويكفي أن نذكر هنا بما يقوله النحاة، منذ أيام سيبويه، من أن الاستثناء في الكلام التام غير الموجب المنقطع، كما في مثالهم المشهور: "ما قام القوم إلا حمارًا" يجب فيه نصب المستثى على لغة أهل الحجاز، وبها نزل قول الله تعالى: {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} . أما بنو تميم فإنهم يجيزون فيه الإتباع، كقول زياد بن حمل التميمي:

ليست عليهم إذا يغدون أردية ... إلا جيادُ قسي النبع واللجم٢

وليس النحاة على حق في هذا، فليس بنو تميم وحدهم في تجويز الإتباع هنا، فهذا جران العود النميري يقول:

وبلدة ليس بها أنيس ... إلا اليعافيرُ وإلا العيسُ٣

كما يقول ضرار بن الأزور في يوم اليمامة:

عشية لا تُغني الرماح مكانها ... ولا النبلُ إلا المشرفيُّ المصمم٤


١ الإيضاح في علل النحو للزجاجي ٦٥.
٢ انظر: الحماسة بشرح المرزوقي ق٥٧٧/ ٣٩ ص١٤٠٢.
٣ ديوانه ص٥٢.
٤ انظر: تاريخ الطبري ٣/ ٢٩٧.

<<  <   >  >>